[ ص: 127 ] قوله ( باب الشروط التي لا تحل في النكاح ) في هذه الترجمة إشارة إلى تخصيص الحديث الماضي في عموم الحث على الوفاء بالشرط بما يباح لا بما نهى عنه ، لأن الشروط الفاسدة لا يحل الوفاء بها فلا يناسب الحث عليها .
قوله ( وقال ابن مسعود لا تشترط المرأة طلاق أختها ) كذا أورده معلقا عن ابن مسعود ، وسأبين أن هذا اللفظ بعينه وقع في بعض طرق الحديث المرفوع عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ولعله لما لم يقع له اللفظ مرفوعا أشار إليه في المعلق إيذانا بأن المعنى واحد .
قوله ( لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ، فإنما لها ما قدر لها ) هكذا أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا اللفظ ، وقد أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " من طريق ابن الجنيد عن nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه بلفظ " لا يصلح لامرأة أن تشترط طلاق أختها لتكفئ إناءها " وكذلك أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11970أبي حاتم الرازي عن nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى لكن قال " لا ينبغي " بدل " لا يصلح " وقال " لتكفئ " ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة عن أبيه بلفظ ابن الجنيد لكن قال " لتكفئ " فهذا هـو المحفوظ من هذا الوجه من رواية أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق أحمد بن إبراهيم بن ملحان عن الليث عن nindex.php?page=showalam&ids=15632جعفر بن ربيعة عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في حديث طويل أوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503458إياكم والظن - وفيه - ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ إناء صاحبتها ولتنكح ، فإنما لها ما قدر لها " وهذا قريب من اللفظ الذي أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا .
قوله ( لا يحل ) ظاهر في تحريم ذلك ، وهو محمول على ما إذا لم يكن هناك سبب يجوز ذلك كريبة في المرأة لا ينبغي معها أن تستمر في عصمة الزوج ويكون ذلك على سبيل النصيحة المحضة أو لضرر يحصل لها من الزوج أو للزوج منها أو يكون سؤالها ذلك بعوض وللزوج رغبة في ذلك فيكون كالخلع مع الأجنبي إلى غير ذلك من المقاصد المختلفة . وقال ابن حبيب : حمل العلماء هذا النهي على الندب ، فلو فعل ذلك لم يفسخ النكاح وتعقبه ابن بطال بأن نفي الحل صريح في التحريم ، ولكن لا يلزم منه فسخ النكاح ، وإنما فيه التغليظ على المرأة أن تسأل طلاق الأخرى ، ولترض بما قسم الله لها .
قوله ( أختها ) قال النووي : معنى هذا الحديث نهي المرأة الأجنبية أن تسأل رجلا طلاق زوجته وأن يتزوجها هي فيصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ما كان للمطلقة ، فعبر عن ذلك بقوله ( تكفئ ما في صحفتها ، قال والمراد بأختها غيرها سواء كانت أختها من النسب أو الرضاع أو الدين ، ويلحق بذلك الكافرة في الحكم وإن لم تكن أختا في الدين إما لأن المراد الغالب أو أنها أختها في الجنس الآدمي ، وحمل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر الأخت هنا على الضرة فقال : فيه من الفقه أنه لا ينبغي أن تسأل المرأة زوجها أن يطلق ضرتها لتنفرد به ، وهذا يمكن في الرواية التي وقعت بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503462لا تسأل المرأة طلاق أختها " ، وأما الرواية التي فيها لفظ الشرط فظاهرها أنها في الأجنبية ويؤيده قوله [ ص: 128 ] فيها " ولتنكح " أي ولتتزوج الزوج المذكور من غير أن يشترط أن يطلق التي قبلها ، وعلى هذا فالمراد هنا بالأخت الأخت في الدين ; ويؤيده زيادة nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في آخره من طريق أبي كثير عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503463لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها فإن المسلمة أخت المسلمة " وقد تقدم في " باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه " نقل الخلاف عن الأوزاعي وبعض الشافعية أن ذلك مخصوص بالمسلمة ، وبه جزم أبو الشيخ في كتاب النكاح ، ويأتي مثله هنا ، ويجيء على رأي ابن القاسم أن يستثنى ما إذا كان المسئول طلاقها فاسقة ، وعند الجمهور لا فرق .
قوله ( لتستفرغ صحفتها ) يفسر المراد بقوله " تكتفئ " وهو بالهمز افتعال من كفأت الإناء إذا قلبته وأفرغت ما فيه ، وكذا يكفأ وهو بفتح أوله وسكون الكاف وبالهمز ، وجاء أكفأت الإناء إذا أملته وهو في رواية ابن المسيب " لتكفئ " بضم أوله من أكفأت وهي بمعنى أملته ويقال بمعنى أكببته أيضا ، والمراد بالصحفة ما يحصل من الزوج كما تقدم من كلام النووي ، وقال صاحب النهاية : الصحفة إناء كالقصعة المبسوطة ، قال : وهذا مثل ، يريد الاستئثار عليها بحظها فيكون كمن قلب إناء غيره في إنائه ، وقال الطيبي : هذه استعارة مستملحة تمثيلية ، شبه النصيب والبخت بالصحفة وحظوظها وتمتعاتها بما يوضع في الصحفة من الأطعمة اللذيذة ، وشبه الافتراق المسبب عن الطلاق باستفراغ الصحفة عن تلك الأطعمة ، ثم أدخل المشبه في جنس المشبه به واستعمل في المشبه ما كان مستعملا في المشبه به .
قوله ( ولتنكح ) بكسر اللام وبإسكانها وبسكون الحاء على الأمر ، ويحتمل النصب عطفا على قوله " لتكتفئ " فيكون تعليلا لسؤال طلاقها ، ويتعين على هذا كسر اللام ، ثم يحتمل أن المراد ولتنكح ذلك الرجل من غير أن تتعرض لإخراج الضرة من عصمته بل تكل الأمر في ذلك إلى ما يقدره الله ، ولهذا ختم بقوله " فإنما لها ما قدر لها " إشارة إلى أنها وإن سألت ذلك وألحت فيه واشترطته فإنه لا يقع من ذلك إلا ما قدره الله ، فينبغي أن لا تتعرض هي لهذا المحذور الذي لا يقع منه شيء بمجرد إرادتها ، وهذا مما يؤيد أن الأخت من النسب أو الرضاع لا تدخل في هذا ، ويحتمل أن يكون المراد ولتنكح غيره وتعرض عن هذا الرجل ، أو المراد ما يشمل الأمرين ، والمعنى ولتنكح من تيسر لها فإن كانت التي قبلها أجنبية فلتنكح الرجل المذكور وإن كانت أختها فلتنكح غيره ، والله أعلم .