[ ص: 689 ] قوله : ( باب الصلاة بين السواري في غير جماعة ) إنما قيدها بغير الجماعة ; لأن ذلك يقطع الصفوف ، وتسوية الصفوف في الجماعة مطلوب . وقال الرافعي في شرح المسند : احتج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا الحديث - أي حديث ابن عمر عن بلال - على أنه لا بأس بالصلاة بين الساريتين إذا لم يكن في جماعة ، وأشار أن الأولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية ، ومع هذه الأولوية فلا كراهة في الوقوف بينهما - أي للمنفرد - وأما في الجماعة فالوقوف بين الساريتين كالصلاة إلى السارية . انتهى كلامه .
وفيه نظر لورود النهي الخاص عن الصلاة بين السواري كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث أنس بإسناد صحيح وهو في السنن الثلاثة ، وحسنه الترمذي . قال المحب الطبري : كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد عن ذلك ، ومحل الكراهة عند عدم الضيق ، الحكمة فيه إما لانقطاع الصف أو ; لأنه موضع النعال . انتهى . وقال القرطبي : روي في سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين .
قوله : ( حدثنا جويرية ) هو بالجيم بصيغة التصغير وهو ابن أسماء الضبعي واتفق أن اسمه واسم أبيه من الأعلام المشتركة بين الرجال والنساء . وقد سمع جويرية المذكور من نافع ، وروى أيضا عن مالك عنه .
قوله : ( كنت أول الناس ) كذا في رواية أبي ذر وكريمة ، وفي رواية الأصيلي nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر " وكنت " بزيادة واو في أوله وهي أشبه ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من هذا الوجه فقال بعد قوله ثم خرج " ودخل عبد الله على أثره أول الناس " .
قوله : ( بين العمودين المقدمين ) في رواية الكشميهني " المتقدمين " كذا في هذه الرواية ، وفي رواية مالك التي تليها " جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه " ، وليس بين الروايتين مخالفة لكن قوله في رواية مالك " وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة " مشكل ; لأنه يشعر بكون ما عن يمينه أو يساره كان اثنين ولهذا عقبه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري برواية إسماعيل التي قال فيها " عمودين عن يمينه " ، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه حيث ثنى أشار إلى ما كان عليه البيت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحيث أفرد أشار إلى ما صار إليه بعد ذلك ويرشد إلى ذلك قوله " وكان البيت يومئذ " ; لأن فيه إشعارا بأنه تغير عن هيئته الأولى .
وقال الكرماني : لفظ العمود جنس يحتمل الواحد والاثنين ، فهو مجمل بينته رواية " وعمودين " ، ويحتمل أن يقال : لم تكن الأعمدة الثلاثة على سمت واحد بل اثنان على سمت والثالث على غير سمتهما ، ولفظ " المقدمين " في الحديث السابق مشعر به ، والله أعلم .
قلت : ويؤيده أيضا رواية مجاهد عن ابن عمر التي تقدمت في " باب : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " فإن فيها " بين الساريتين اللتين على يسار الداخل " وهو صريح في أنه كان هناك عمودان على اليسار وأنه صلى بينهما ، فيحتمل أنه كان ثم عمود آخر عن اليمين لكنه بعيد أو على غير سمت العمودين فيصح قول من قال " جعل عن يمينه عمودين " وقول من قال " جعل عمودا [ ص: 690 ] عن يمينه " . وجوز الكرماني احتمالا آخر وهو أن يكون هناك ثلاثة أعمدة مصطفة فصلى إلى جنب الأوسط ، فمن قال جعل عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره لم يعتبر الذي صلى إلى جنبه ومن قال عمودين اعتبره . ثم وجدته مسبوقا بهذا الاحتمال ، وأبعد منه قول من قال : انتقل في الركعتين من مكان إلى مكان ، ولا تبطل الصلاة بذلك لقلته ، والله أعلم .