قوله ( باب إجابة الداعي في العرس وغيره ) ذكر فيه حديث ابن عمر " أجيبوا هـذه الدعوة " وهذه اللام يحتمل أن تكون للعهد ، والمراد وليمة العرس ، ويؤيده رواية ابن عمر الأخرى " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503513إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها " وقد تقرر أن الحديث الواحد إذا تعددت ألفاظه وأمكن حمل بعضها على بعض تعين ذلك ، ويحتمل أن تكون اللام للعموم وهو الذي فهمه راوي الحديث فكان يأتي الدعوة للعرس ولغيره .
قوله ( حدثنا علي بن عبد الله بن إبراهيم ) هو البغدادي ، أخرج عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا فقط ، وقد تقدم في فضائل القرآن روايته عن علي بن إبراهيم عن روح بن عبادة فقيل : هو هذا نسبه إلى جده ، وقيل غيره كما تقدم بيانه ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15229أبو عمرو والمستملي أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لما حدث عن علي بن عبد الله بن إبراهيم هذا سئل عنه فقال : متقن .
قوله ( عن نافع ) في رواية فضيل بن سليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة " حدثني نافع " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي .
قوله ( قال كان عبد الله ) القائل هو نافع وقد أخرج مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503514إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب " وأخرجه مسلم وأبو داود من طريق أيوب عن نافع بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503515إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه " ولمسلم من طريق الزبيدي عن نافع بلفظ " من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب " وهذا يؤيد ما فهمه ابن عمر وأن الأمر بالإجابة لا يختص بطعام العرس ، وقد أخذ بظاهر الحديث بعض الشافعية فقال بوجوب الإجابة إلى الدعوة مطلقا عرسا كان أو غيره بشرطه ; ونقله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين ، ويعكر عليه ما نقلناه عن عثمان بن أبي العاص وهو من مشاهير الصحابة أنه قال في وليمة الختان لم يكن يدعى لها ، لكن يمكن الانفصال عنه بأن ذلك لا يمنع القول بالوجوب لو دعوا ، وعند عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه دعا بالطعام فقال رجل من القوم : أعفني ، فقال ابن عمر : إنه لا عافية لك من هذا ، فقم . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عباس أن ابن صفوان دعاه فقال : إني مشغول ، وإن لم تعفني جئته . وجزم بعدم الوجوب في غير وليمة النكاح المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية ; وبالغ السرخسي منهم فنقل فيه الإجماع ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إتيان دعوة الوليمة حق ، والوليمة التي تعرف وليمة العرس ، وكل دعوة دعي إليها رجل وليمة فلا أرخص لأحد في تركها ، ولو تركها لم يتبين أنه عاص في تركها كما تبين لي في وليمة العرس .
قوله ( في العرس وغير العرس وهو صائم ) في رواية مسلم عن هارون بن عبد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد " ويأتيها وهو صائم " ولأبي عوانة من وجه آخر عن نافع " وكان ابن عمر يجيب صائما ومفطرا " ووقع عند أبي [ ص: 156 ] داود من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع في آخر الحديث المرفوع " فإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليدع " ولمسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " فإن كان صائما فليصل " ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان في آخره " والصلاة الدعاء " وهو من تفسير هشام راويه ، ويؤيده الرواية الأخرى ، وحمله بعض الشراح على ظاهره فقال : إن كان صائما فليشتغل بالصلاة ليحصل له فضلها ، ويحصل لأهل المنزل والحاضرين بركتها . وفيه نظر لعموم قوله ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3503516لا صلاة بحضرة طعام " لكن يمكن تخصيصه بغير الصائم ، وقد تقدم في " باب حق إجابة الوليمة " أن أبي بن كعب لما حضر الوليمة وهو صائم أثنى ودعا ، وعند أبي عوانة من طريق عمر بن محمد عن نافع : كان ابن عمر إذا دعي أجاب ، فإن كان مفطرا أكل ، وإن كان صائما دعا لهم وبرك ثم انصرف . وفي الحضور فوائد أخرى كالتبرك بالمدعو والتجمل به والانتفاع بإشارته والصيانة عما لا يحصل له الصيانة لو لم يحضر ، وفي الإخلال بالإجابة تفويت ذلك ، ولا يخفى ما يقع للداعي من ذلك من التشويش ، وعرف من قوله " فليدع لهم " حصول المقصود من الإجابة بذلك وأن المدعو لا يجب عليه الأكل ، وهل يستحب له أن يفطر إن كان صومه تطوعا ؟ قال أكثر الشافعية وبعض الحنابلة : إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالأفضل الفطر وإلا فالصوم ، وأطلق الروياني وابن الفراء استحباب الفطر ، وهذا على رأي من يجوز الخروج من صوم النفل ، وأما من يوجبه فلا يجوز عنده الفطر كما في صوم الفرض ، ويبعد إطلاق استحباب الفطر مع وجود الخلاف ولا سيما إن كان وقت الإفطار قد قرب .
ويؤخذ من فعل ابن عمر أن الصوم ليس عذرا في ترك الإجابة ولا سيما مع ورود الأمر للصائم بالحضور والدعاء ، نعم لو اعتذر به المدعو فقبل الداعي عذره لكونه يشق عليه أن لا يأكل إذا حضر أو لغير ذلك كان ذلك عذرا له في التأخر . ووقع في حديث جابر عند مسلم " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503517إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن شاء طعم وإن شاء ترك " فيؤخذ منه أن المفطر ولو حضر لا يجب عليه الأكل ، وهو أصح الوجهين عند الشافعية . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في مختصره : ووجوب أكل المفطر محتمل ، وصرح الحنابلة بعدم الوجوب ، واختار النووي الوجوب ، وبه قال أهل الظاهر ، والحجة لهم قوله في إحدى روايات ابن عمر عند مسلم " فإن كان مفطرا فليطعم " قال النووي : وتحمل رواية جابر على من كان صائما ، ويؤيده رواية ابن ماجه فيه بلفظ " من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب ، فإن شاء طعم وإن شاء ترك " ويتعين حمله على من كان صائما نفلا ، ويكون فيه حجة لمن استحب له أن يخرج من صيامه لذلك ، ويؤيده ما أخرجه الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في " الأوسط " عن أبي سعيد قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503518دعا رجل إلى طعام ، فقال رجل : إني صائم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخاكم وتكلف لكم ، أفطر وصم يوما مكانه إن شئت " في إسناده راو ضعيف لكنه توبع ، والله أعلم .