قوله ( باب الوصاة بالنساء ) بفتح الواو والصاد المهملة مقصور وهي لغة في الوصية كما تقدم ، وفي بعض الروايات " الوصاية " .
[ ص: 162 ] قوله ( عن ميسرة ) هو ابن عمار الأشجعي ، وقد تقدم ذكره في بدء الخلق ، وأبو حازم هو الأشجعي سلمان مولى عزة بمهملة مفتوحة ثم زاي ثقيلة .
قوله ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، واستوصوا بالنساء خيرا ) الحديث ، هما حديثان يأتي شرح الأول منهما في كتاب الأدب ، وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين بن علي الجعفي شيخ شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه فلم يذكر الحديث الأول ، وذكر بدله " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503528من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فإذا شهد امرؤ فليتكلم بخير أو ليسكت " . والذي يظهر أنها أحاديث كانت عند nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين الجعفي عن زائدة بهذا الإسناد فربما جمع وربما أفرد ، وربما استوعب وربما اقتصر ، وقد تقدم في بدء الخلق من وجه آخر عن حسين بن علي مقتصرا على الثاني ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن القاسم بن زكريا عن حسين بن علي ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عن ابن يعلى عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن حسين بن علي بالأحاديث الثلاثة وزاد " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503529ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن قرى ضيفه " الحديث .
قوله ( فإنهن خلقن من ضلع ) بكسر الضاد والمعجمة وفتح اللام وقد تسكن ، وكأن فيه إشارة إلى ما أخرجه ابن إسحاق في " المبتدأ " عن ابن عباس " إن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم " وكذا أخرجه ابن أبي حازم وغيره من حديث مجاهد ، وأغرب النووي فعزاه للفقهاء أو بعضهم فكان المعنى أن النساء خلقن من أصل خلق من شيء معوج ، وهذا لا يخالف الحديث الماضي من تشبيه المرأة بالضلع ، بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه وأنها عوجاء مثله لكون أصلها منه ، وقد تقدم شيء من ذلك في كتاب بدء الخلق .
قوله ( وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ) ذكر ذلك تأكيدا لمعنى الكسر ، لأن الإقامة أمرها أظهر في الجهة العليا ، أو إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن ، ويحتمل أن يكون ضرب ذلك مثلا لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها ، وفيه لسانها وهو الذي يحصل منه الأذى ، واستعمل " أعوج " وإن كان من العيوب لأنه أفعل للصفة وأنه شاذ ، وإنما يمتنع عند الالتباس بالصفة فإذا تميز عنه بالقرينة جاز البناء .
قوله ( فإن ذهبت تقيمه كسرته ) الضمير للضلع لا لأعلى الضلع ، وفي الرواية التي قبله " إن أقمتها كسرتها " والضمير أيضا للضلع وهو يذكر ويؤنث ، ويحتمل أن يكون للمرأة ، ويؤيده قوله بعده " وإن استمتعت بها " ويحتمل أن يكون المراد بكسره الطلاق ، وقد وقع ذلك صريحا في رواية سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عند مسلم " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503530وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها " .
قوله ( وإن تركته لم يزل أعوج ) أي وإن لم تقمه ، وقوله " فاستوصوا " أي أوصيكم بهن خيرا فاقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي . والحامل على هذا التقدير أن الاستيصاء استفعال ، وظاهره طلب الوصية وليس هو المراد ، وقد تقدم له توجيهات أخر في بدء الخلق .
قوله ( بالنساء خيرا ) كان فيه رمزا إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه فيستمر على عوجه ، وإلى هذا أشار المؤلف بإتباعه بالترجمة التي بعده " باب قوا أنفسكم وأهليكم نارا " فيؤخذ منه أن لا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها أو ترك الواجب ، وإنما المراد أن يتركها [ ص: 163 ] على اعوجاجها في الأمور المباحة . وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب . وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن ، وأن من رام تقويمهن فإنه الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه ، فكأنه قال : الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها .