قوله : ( باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه ) قال ابن بطال : أراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن حمل المصلي الجارية إذا كان لا يضر الصلاة فمرورها بين يديه لا يضر ; لأن حملها أشد من مرورها . وأشار إلى نحو هذا الاستنباط nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، لكن تقييد المصنف بكونها صغيرة قد يشعر بأن الكبيرة ليست كذلك .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ) في رواية عبد الرزاق عن مالك " سمعت أبا قتادة " وكذا في رواية أحمد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن عامر عن عمرو بن سليم أنه " سمع أبا قتادة " .
قوله : ( وهو حامل أمامة ) المشهور في الروايات بالتنوين ونصب أمامة ، وروى بالإضافة كما قرئ في قوله تعالى إن الله بالغ أمره بالوجهين ، وتخصيص الحمل في الترجمة بكونه على العنق - مع أن السياق يشمل ما هو أعم من ذلك - مأخوذ من طريق أخرى مصرحة بذلك وهي لمسلم من طريق بكير بن الأشج عن عمرو بن سليم ورواه عبد الرزاق عن مالك بإسناد حديث الباب فزاد فيه " على عاتقه " وكذا لمسلم وغيره من طرق أخرى ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج " على رقبته " . وأمامة بضم الهمزة تخفيف الميمين كانت صغيرة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوجها علي بعد وفاة فاطمة بوصية منها ولم تعقب .
قوله : ( ولأبي العاص ) قال الكرماني : الإضافة في قوله " بنت زينب " بمعنى اللام ، فأظهر في المعطوف وهو قوله " ولأبي العاص " ما هو مقدر في المعطوف عليه . انتهى .
وأشار ابن العطار إلى أن الحكمة في ذلك كون والد أمامة كان إذ ذاك مشركا فنسبت إلى أمها تنبيها على أن الولد ينسب إلى أشرف أبويه دينا ونسبا . ثم بين أنها من أبي العاص تبيينا لحقيقة نسبها . انتهى . وهذا السياق لمالك وحده ، وقد رواه غيره عن عامر بن عبد الله فنسبوها إلى أبيها ثم بينوا أنها بنت زينب كما هو عند مسلم وغيره ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من [ ص: 704 ] طريق المقبري عن عمرو بن سليم " يحمل nindex.php?page=showalam&ids=219أمامة بنت أبي العاص - وأمها nindex.php?page=showalam&ids=437زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - على عاتقه " .
قوله : ( ابن ربيعة بن عبد شمس ) كذا رواه الجمهور عن مالك ورواه يحيى بن بكير nindex.php?page=showalam&ids=17126ومعن بن عيسى وأبو مصعب وغيرهم عن مالك فقالوا " ابن الربيع " وهو الصواب . وغفل الكرماني فقال خالف القوم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فقال : ربيعة ، وعندهم الربيع والواقع أن من أخرجه من القوم من طريق مالك nindex.php?page=showalam&ids=12070كالبخاري فالمخالفة فيه إنما هي من مالك ، وادعى الأصيلي أنه ابن الربيع بن ربيعة فنسبه مالك مرة إلى جده ، ورده عياض والقرطبي وغيرهما لإطباق النسابين على خلافه . نعم قد نسبه مالك إلى جده في قوله " ابن عبد شمس " وإنما هو ابن عبد العزى بن عبد شمس ، أطبق على ذلك النسابون أيضا ، واسم أبي العاص لقيط وقيل مقسم وقيل القاسم وقيل مهشم وقيل هشيم وقيل ياسر وهو مشهور بكنيته . أسلم قبل الفتح وهاجر ، ورد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته زينب وماتت معه وأثنى عليه في مصاهرته ، وكانت وفاته في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق .
قوله : ( فإذا سجد وضعها ) كذا لمالك أيضا ، ورواه مسلم أيضا من طريق عثمان بن أبي سليمان nindex.php?page=showalam&ids=17000ومحمد بن عجلان ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق الزبيدي ، وأحمد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11882أبي العميس كلهم عن عامر بن عبد الله شيخ مالك فقالوا " إذا ركع وضعها " ولأبي داود من طريق المقبري عن عمرو بن سليم " حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد ، حتى إذا فرغ من سجوده قام وأخذها فردها في مكانها " ، وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه لا منها بخلاف ما أوله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي حيث قال : يشبه أن تكون الصبية كانت قد ألفته ، فإذا سجد تعلقت بأطرافه والتزمته فينهض من سجوده فتبقى محمولة كذلك إلى أن يركع فيرسلها .
قال : هذا وجهه عندي . وقال ابن دقيق العيد : من المعلوم أن لفظ حمل لا يساوي لفظ وضع في اقتضاء فعل الفاعل ; لأنا نقول : فلان حمل كذا ولو كان غيره حمله ، بخلاف وضع ، فعلى هذا فالفعل الصادر منه هو الوضع لا الرفع فيقل العمل . قال : وقد كنت أحسب هذا حسنا إلى أن رأيت في بعض طرقه الصحيحة " فإذا قام أعادها " . قلت : وهي رواية لمسلم .
قال القرطبي : وروى أشهب nindex.php?page=showalam&ids=16470وعبد الله بن نافع عن مالك أن ذلك للضرورة حيث لم يجد من يكفيه أمرها . انتهى . وقال بعض أصحابه : ; لأنه لو تركها لبكت وشغلت سره في صلاته أكثر من شغله بحملها . وفرق بعض أصحابه بين الفريضة والنافلة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي : إن وجد [ ص: 705 ] من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة ، وإن لم يجد جاز فيهما . قال القرطبي : وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ .
قلت : روى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عقب روايته للحديث من طريقه ، لكنه غير صريح ولفظه : قال التنيسي قال مالك : من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ناسخ ومنسوخ وليس العمل على هذا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة . وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال وبأن هذه القصة كانت بعد قوله - صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=884013 - " إن في الصلاة لشغلا " ; لأن ذلك كان قبل الهجرة ، وهذه القصة كانت بعد الهجرة قطعا بمدة مديدة . وذكر عياض عن بعضهم أن ذلك كان من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - لكونه كان معصوما من أن تبول وهو حاملها ، ورد بأن الأصل عدم الاختصاص وبأنه لا يلزم من ثبوت الاختصاص في أمر ثبوته في غيره بغير دليل ، ولا مدخل للقياس في مثل ذلك .
وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان صلاته . وقال النووي : ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ ، وبعضهم أنه من الخصائص ، وبعضهم أنه كان لضرورة وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها ، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع ; لأن الآدمي طاهر ، وما في جوفه معفو عنه ، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت ، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك وإنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لبيان الجواز .
وقال الفاكهاني : وكأن السر في حمله أمامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن ، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم ، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول . واستدل به على ترجيح العمل بالأصل على الغالب كما أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ولابن دقيق العيد هنا بحث من جهة أن حكايات الأحوال لا عموم لها ، وعلى جواز إدخال الصبيان في المساجد وعلى أن لمس الصغار الصبايا غير مؤثر في الطهارة ، ويحتمل أن يفرق بين ذوات المحارم وغيرهن ، وعلى صحة صلاة من حمل آدميا ، وكذا من حمل حيوانا طاهرا وللشافعية تفصيل بين المستجمر وغيره وقد يجاب عن هذه القصة بأنها واقعة حال فيحتمل أن تكون أمامة كانت حينئذ قد غسلت ، كما يحتمل أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يمسها بحائل .
وفيه تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وشفقته على الأطفال ، وإكرامه لهم جبرا لهم ولوالديهم .