قوله في آخر الكلام ( فصاله فطامه ) هو تفسير ابن عباس ، أخرجه الطبري عنه وعن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وغيرهما ، والفصال مصدر يقال فاصلته أفاصله مفاصلة وفصالا إذا فارقته من خلطة كانت بينهما ، وفصال الولد منعه من شرب اللبن ، قال ابن بطال : قوله تعالى والوالدات يرضعن لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر لما فيه من الإلزام ، كقولك حسبك درهم أي اكتف بدرهم ، قال : ولا يجب على الوالدة إرضاع ولدها إذا كان أبوه حيا موسرا بدليل قوله تعالى فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن قال وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى فدل على أنه لا يجب عليها إرضاع ولدها ، ودل على أن قوله والوالدات يرضعن أولادهن سيق لمبلغ غاية الرضاعة التي مع اختلاف الوالدين في رضاع المولود جعلت حدا فاصلا . قلت : وهذا أحد القولين عن ابن عباس أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه ، وعن ابن عباس أنه مختص بمن ولدت لستة أشهر كما تقدم قريبا أخرجه الطبري أيضا بسند صحيح ، إلا أنه اختلف في وصله أو وقفه على عكرمة ، وعن ابن عباس قول ثالث أن الحولين لغاية الإرضاع وأن لا رضاع بعدهما أخرجه الطبري أيضا ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين الزهري nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، ثم أخرج بإسناد صحيح عن ابن مسعود قال : ما كان من رضاعة بعد الحولين فلا رضاع ، وعن ابن عباس أيضا بسند صحيح مثله ، ثم أسند عن قتادة قال : كان إرضاعها الحولين فرضا ثم خفف بقوله تعالى لمن أراد أن يتم الرضاعة والقول الثاني هو الذي عول عليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولهذا عقب الآية الأولى بالآية الثانية وهي قوله تعالى [ ص: 416 ] وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وما جزم به ابن بطال من أن الخبر بمعنى الأمر هو قول الأكثر ، لكن ذهب جماعة إلى أنها خبر عن المشروعية ، فإن بعض الوالدات يجب عليهن ذلك وبعضهن لا يجب كما سيأتي بيانه ، فليس الأمر على عمومه ، وهذا هـو السر في العدول عن التصريح بالإلزام كأن يقال : وعلى الوالدات إرضاع أولادهن كما جاء بعده وعلى الوارث مثل ذلك قال ابن بطال : وأكثر أهل التفسير على أن المراد بالوالدات هنا المبتوتات المطلقات ، وأجمع العلماء على أن أجرة الرضاع على الزوج إذا خرجت المطلقة من العدة ، والأم بعد البينونة أولى بالرضاعة إلا إن وجد الأب من يرضع له بدون ما سألت ، إلا أن لا يقبل الولد غيرها فتجبر بأجرة مثلها ، وهو موافق للمنقول هنا عن الزهري ، واختلفوا في المتزوجة : فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر الكوفيين لا يلزمها إرضاع ولدها ، وقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى من الكوفيين تجبر على إرضاع ولدها ما دامت متزوجة بوالده ، واحتج القائلون بأنها لا تجبر بأن ذلك إن كان لحرمة الولد فلا يتجه لأنها لا تجبر عليه إذا كانت مطلقة ثلاثا بإجماع ، مع أن حرمة الولدية موجودة ، وإن كان لحرمة الزوج لم يتجه أيضا لأنه لو أراد أن يستخدمها في حق نفسه لم يكن له ذلك ففي حق غيره أولى اهـ . ويمكن أن يقال إن ذلك لحرمتها جميعا ، وقد تقدم كثير من مباحث الرضاع في أوائل النكاح ، والله أعلم .
قوله ( باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد ) ذكر فيه حديث عائشة في قصة هند امرأة أبي سفيان وسيأتي شرحه بعد أربعة أبواب . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها " وقد مر شرحه في أواخر النكاح .
( تنبيه ) :
وقعت هذه الترجمة وحديثها متأخرة عن الباب الذي بعده عند النسفي