قوله ( باب فضل الصلاة لوقتها ) كذا ترجم ، وأورده بلفظ " على وقتها " وهي رواية شعبة وأكثر الرواة ، نعم أخرجه في التوحيد من وجه آخر بلفظ الترجمة ، وكذا أخرجه مسلم باللفظين .
قوله ( قال الوليد بن العيزار أخبرني ) هو على التقديم والتأخير .
قوله ( حدثنا صاحب هذه الدار ) كذا رواه شعبة مبهما ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول عند المصنف في الجهاد nindex.php?page=showalam&ids=11814وأبو إسحاق الشيباني في التوحيد عن الوليد فصرحا باسم عبد الله ، وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق [ ص: 13 ] أبي معاوية النخعي عن nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني وأحمد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12077أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه .
قوله ( وأشار بيده ) فيه الاكتفاء بالإشارة المفهمة عن التصريح nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله هو ابن مسعود .
قوله ( أي العمل أحب إلى الله ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول " أي العمل أفضل " وكذا لأكثر الرواة ، فإن كان هذا اللفظ هو المسئول به فلفظ حديث الباب ملزوم عنه . ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما اختلفت فيه الأجوبة بأنه أفضل الأعمال أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه ، أو بما لهم فيه رغبة ، أو بما هو لائق بهم ، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره ، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال ؛ لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن من أدائها ، وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة ، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل ، أو أن " أفضل " ليست على بابها بل المراد بها الفضل المطلق ، أو المراد من أفضل الأعمال فحذفت من وهي مرادة .
وقال ابن دقيق العيد : الأعمال في هذا الحديث محمولة على البدنية ، وأراد بذلك الاحتراز عن الإيمان ؛ لأنه من أعمال القلوب ، فلا تعارض حينئذ بينه وبين حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=842006أفضل الأعمال إيمان بالله الحديث . وقال غيره : المراد بالجهاد هنا ما ليس بفرض عين ؛ لأنه يتوقف على إذن الوالدين فيكون برهما مقدما عليه .
قوله ( الصلاة على وقتها ) قال ابن بطال فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها ؛ لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب .
قلت : وفي أخذ ذلك من اللفظ المذكور نظر ، قال ابن دقيق العيد : ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولا ولا آخرا وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاء . وتعقب بأن إخراجها عن وقتها محرم ، ولفظ " أحب " يقتضي المشاركة في الاستحباب فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخر الوقت . وأجيب بأن المشاركة إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال ، فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله من غيرها من الأعمال ؛ فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنائم والناسي فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبا لكن إيقاعها في الوقت أحب .
( تنبيه ) اتفق أصحاب شعبة على اللفظ المذكور في الباب وهو قوله " عن وقتها " وخالفهم علي بن حفص وهو شيخ صدوق من رجال مسلم فقال nindex.php?page=hadith&LINKID=842007الصلاة في أول وقتها أحرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من طريقه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ما أحسبه حفظه ؛ لأنه كبر وتغير حفظه .
قلت : ورواه الحسن بن علي المعمري في " اليوم والليلة " عن nindex.php?page=showalam&ids=12166أبي موسى محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة كذلك . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : تفرد به المعمري ، فقد رواه أصحاب أبي موسى عنه بلفظ " على وقتها " ثم أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن المحاملي عن أبي موسى كرواية الجماعة وهكذا رواه أصحاب غندر عنه ، والظاهر أن المعمري وهم فيه ؛ لأنه كان يحدث من حفظه ، وقد أطلق النووي في " شرح المهذب " أن رواية " في أول وقتها " ضعيفة ا هـ ، لكن لها طريق أخرى أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وغيرهما من طريق عثمان عن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول عن الوليد وتفرد عثمان بذلك ، والمعروف عن nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول كرواية الجماعة ، كذا أخرجه المصنف وغيره ، وكأن من رواها [ ص: 14 ] كذلك ظن أن المعنى واحدا ، ويمكن أن يكون أخذه من لفظة " على " ؛ لأنها تقتضي الاستعلاء على جميع الوقت فيتعين أوله ، قال القرطبي وغيره : قوله " لوقتها " اللام للاستقبال مثل قوله تعالى فطلقوهن لعدتهن أي مستقبلات عدتهن ، وقيل للابتداء كقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس وقيل بمعنى في ، أي في وقتها . وقوله " على وقتها " قيل على بمعنى اللام ففيه ما تقدم وقيل لإرادة الاستعلاء على الوقت وفائدته تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه .
قوله ( ثم أي ) قيل : الصواب أنه غير منون ؛ لأنه غير موقوف عليه في الكلام ، والسائل ينتظر الجواب والتنوين لا يوقف عليه فتنوينه ووصله بما بعده خطأ ، فيوقف عليه وقفة لطيفة ثم يؤتى بما بعده قاله الفاكهاني . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي عن ابن الخشاب الجزم بتنوينه ؛ لأنه معرب غير مضاف ، وتعقب بأنه مضاف تقديرا والمضاف إليه محذوف لفظا ، والتقدير : ثم أي العمل أحب ؟ فيوقف عليه بلا تنوين . وقد نص nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه على أنها تعرب ولكنها تبنى إذا أضيفت ، واستشكله الزجاج .
قوله ( قال بر الوالدين كذا للأكثر وللمستملي " قال ثم بر الوالدين " بزيادة ثم ، قال بعضهم : هذا الحديث موافق لقوله تعالى أن اشكر لي ولوالديك وكأنه أخذه من تفسير ابن عيينة حيث قال : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا لوالديه عقبها فقد شكر لهما .
قوله ( حدثني بهن ) هو مقول nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود وفيه تقرير وتأكيد لما تقدم من أنه باشر السؤال وسمع الجواب .
وفي الحديث فضل تعظيم الوالدين ، وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض . وفيه السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد ، والرفق بالعالم ، والتوقف عن الإكثار عليه خشية ملاله ، وما كان عليه الصحابة من تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - والشفقة عليه ، وما كان هو عليه من إرشاد المسترشدين ولو شق عليه . وفيه أن الإشارة تتنزل منزلة التصريح إذا كانت معينة للمشار إليه مميزة له عن غيره . قال ابن بزيزة : الذي يقتضيه النظر تقدم الجهاد على جميع أعمال البدن ؛ لأن فيه بذل النفس ، إلا أن الصبر على المحافظة على الصلوات وأدائها في أوقاتها والمحافظة على بر الوالدين أمر لازم متكرر دائم لا يصبر على مراقبة أمر الله فيه إلا الصديقون ، والله أعلم .