فيه حديث جابر ، وهو حديث مشهور ، واحتج به أحمد ومن وافقه في جواز بيع الدابة ويشترط البائع لنفسه ركوبها . وقال مالك : يجوز ذلك إذا كانت مسافة الركوب قريبة ، وحمل هذا الحديث على هذا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وآخرون : لا يجوز ذلك سواء قلت المسافة أو كثرت ، ولا ينعقد البيع ، واحتجوا بالحديث السابق في النهي عنبيع الثنيا ، وبالحديث الآخر في النهي عن بيع وشرط ، وأجابوا عن حديث جابر بأنها قضية عين تتطرق إليها احتمالات ، قالوا : ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطيه الثمن ، ولم يرد حقيقة البيع . قالوا : ويحتمل أن الشرط لم يكن في نفس العقد ، وإنما يضر الشرط إذا كان في نفس العقد ، ولعل الشرط كان سابقا فلم يؤثر ، ثم تبرع صلى الله عليه وسلم بإركابه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( بعنيه بوقية ) هكذا هو في النسخ ( بوقية ) وهي لغة صحيحة سبقت مرارا ، ويقال : ( أوقية ) وهي أشهر . وفيه : أنه لا بأس بطلب البيع من مالك السلعة ، وإن لم يعرضها للبيع .
قوله : ( واستثنيت عليه حملانه ) هو بضم الحاء أي الحمل عليه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( أتراني ماكستك ؟ ) قال أهل اللغة : المماكسة : هي المكالمة في النقص من الثمن ، وأصلها النقص ، ومنه مكس الظالم ، وهو ما ينتقصه ويأخذه من أموال الناس .
قوله : ( فبعته بوقية ) وفي رواية : ( بخمس أواق وزادني أوقية ) وفي بعضها : ( بأوقيتين ودرهم أو درهمين ) وفي بعضها : بأربعة دنانير ) وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا اختلاف الروايات ، وزاد ( بثمانمائة درهم ) وفي رواية : ( بعشرين دينارا ) وفي رواية : ( أحسبه بأربع أواق ) قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : [ ص: 211 ] وقول الشعبي : بوقية ، أكثر ، قال القاضي عياض : قال أبو جعفر الداودي : أوقية الذهب قدرها معلوم ، وأوقية الفضة أربعون درهما . قال : وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى ، وهو جائز ، فالمراد : وقية ذهب كما فسره في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد عن جابر ، ويحمل عليها رواية من روى أوقية مطلقة ، وأما من روى خمس أواق ، فالمراد خمس أواق من الفضة ، وهي بقدر قيمة أوقية الذهب في ذلك الوقت ، فيكون الإخبار بأوقية الذهب عما وقع به العقد ، وعن أواق الفضة عما حصل به الإيفاء ولا يتغير الحكم ويحتمل أن يكون هذا كله زيادة على الأوقية ، كما قال : فما زال يزيدني . وأما رواية ( أربعة دنانير ) فموافقة أيضا ، لأنه يحتمل أن تكون أوقية الذهب حينئذ وزن أربعة دنانير .
وأما رواية ( أوقيتين ) فيحتمل أن إحداهما وقع بها البيع ، والأخرى زيادة ، كما قال : ( وزادني أوقية ) وقوله : ( ودرهما أو درهمين ) موافق لقوله : ( وزادني قيراطا ) وأما رواية ( عشرين دينارا ) فمحمولة على دنانير صغار كانت لهم ، ورواية ( أربع أواق ) شك فيها الراوي فلا اعتبار بها . والله أعلم .