قوله : ( كل عمل ابن آدم ) والمراد به الحسنات ولذا وضع الحسنة في الخير موضع الضمير الراجع إلى المبتدأ تنبيها على ذلك ( فإنه لي وأنا أجزي به ) قد ذكروا له معاني لكن الموافق للأحاديث أنه كناية عن تعظيم جزائه وأنه لا حد له وهذا هو الذي تفيد المقابلة بما قبله في هذا الحديث وهو الموافق لقوله تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وذلك لأن اختصاصه من بين سائر الأعمال بأنه مخصوص بعظم لا نهاية لعظمته ولا حد لها وأن ذلك العظم هو المتولي لجزائه مما ينساق الذهن منه إلى أن جزاءه مما لا حد له ويمكن أن يقال على هذا معنى قوله لي أنا المنفرد به بعلم مقدم ثوابه وتضعيفه وبه تظهر المقابلة بينه وبين ما جاء في بعض الأحاديث من قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=756645كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي أي كل عمل له باختيار أنه عالم بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالا لما بين الله تعالى فيه إلا الصوم فإنه الصبر الذي ما حد لجزائه حدا بل قال إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ويحتمل أن يقال معنى قوله كل عمل ابن آدم له إلخ جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية تعد له مناسبة لحاله بخلاف الصبر فإنه من باب التنزه عن الأكل والشرب والاستغناء عن ذلك فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب تبارك وتعالى وأما الحديث فيحتاج على هذا المعنى إلى تقدير بأن يقال كل عمل ابن آدم جزاؤه محدود لأنه له أي على قدره إلا الصوم فإنه لي فجزاؤه غير محصور بل أنا المتولي لجزائه على قدري قوله ( يدع شهوته وطعامه من أجلي ) تعليل لاختصاصه بعدم الجزاء (عند فطره ) أي يفرح حينئذ طبعا وإن لم يأكل لما في طبع النفس من محبة الإرسال وكراهة التقتير قيل يحتمل أن هذه هي [ ص: 502 ] فرحة النفس بالأكل والشرب ويحتمل أنها فرحها بالتوفيق لإتمام الصوم والخروج عن العهدة قوله ( عند لقاء ربه ) أي ثوابه على الصوم (لخلوف ) بضم المعجمة واللام وسكون الواو وهو المشهور وجوز بعضهم فتحها وقيل هو خطأ أي تغير رائحة الفم أطيب إلخ أي صاحبه عند الله أطيب وأكثر قبولا ووجاهة وأزيد قربا منه تعالى من صاحب المسك بسبب ريحه عندكم وهو تعالى أكثر إقبالا عليه بسببه من إقبالكم على صاحب المسك بسببه