وأنت تعلم أن مثل هذا السباب المكنى عنه للأغبياء والجهلة الذين لا يصلحون للاجتهاد أصلا وقطعا فهذان الحديثان ليسا في ذم المجتهد الذي يرد الحديث إذا صح عنده وحاشا أن يكون مجتهد كذلك بل في ذم المقلد إذا خالف قول إمامه الحديث فيرده ويعتذر لإمامه بأنه قد استغنى بالكتاب عن هذا الحديث وبهذا ظهر أن اتباع السنة يعم تمام الأمة ولا يختص بالمجتهد عن المقلد والله تعالى أعلم .
قوله : ( ما أمرتكم به فخذوه إلى آخره ) هذا الحديث كالتفسير لقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وما في الموضعين شرطية كما ذكر السيوطي هذا الاحتمال لأن الشرطية أظهر معنى وفي الموصولة يلزم وقوع الجملة الإنشائية خبرا وهو مما اختلفوا فيه وكثير منهم على أنه لا يصح إلا بتأويل بخلاف الشرطية فإن المحققين على أن خبرها جملة الشرط لا الجزاء ثم قوله : ما أمرتكم به يعم أمر الإيجاب والندب وقوله : فخذوه أي تمسكوا به لمطلق الطلب الشامل للوجوب والندب فينطبق على القسمين وقيل : هذا مخصوص بأمر الوجوب وكذلك قوله : وما نهيتكم عنه يعم نهي تحريم وتنزيه وكذا الطلب في قوله : فانتهوا يعم القسمين ويحتمل الخصوص بنهي التحريم ، والخطاب وإن كان للحاضرين وضعا لكن الحكم يعم المغيبين اتفاقا وفي شمول الخطاب لهم قولان وعلى التقدير فإطلاقه يشمل المجتهد والمقلد .