[ ص: 119 ] قوله ( استقيموا إلخ ) قال الاستقامة اتباع الحق والقيام بالعدل وملازمة المنهج المستقيم من الإتيان بجميع المأمورات والانتهاء عن جميع المناهي وذلك خطب عظيم لا يطيقه إلا من استضاء قلبه بالأنوار القدسية وتخلص عن الظلمات الإنسية وأيده الله تعالى من عنده وقليل ما هم فأخبر بعد الأمر بذلك أنكم لا تقدرون على إيفاء حقه والبلوغ إلى غايته بقوله (ولن تحصوا ) أي ولن تطيقوا وأصل الإحصاء العدل والإحاطة به لئلا يغفلوا عنه فلا يتكلوا على ما يوفون به ولا ييأسوا من رحمته فيما يذرون عجزا وقصورا لا تقصيرا وقيل معناه لن تحصوا ثوابه والله تعالى أعلم قوله ( واعلموا إلخ ) أي إن لم تطيقوا بما أمرتم به من الاستقامة فحق عليكم أن تلزموا فرضها وهي الصلاة الجامعة لأنواع العبادات القراءة والتسبيح والتهليل والإمساك عن كلام الغير والأحاديث في خير الأعمال جاءت متعارضة صورة فينبغي التوفيق بحمل خير أعمالكم على معنى من خير أعمالكم كما يدل عليه حديث ابن عمر قوله ( ولا يحافظ على الوضوء ) أي في أوقاته لقوله - صلى الله تعالى عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=750312إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة حين قالوا له ألا نأتيك بوضوء وقد خرج من الخلاء وقرب إليه الطعام رواه أصحاب السنن وغيرهم أو على الدوام وتركه لبيان الجواز لئلا يلتبس الفضل بالفرض والبيان عليه واجب فالترك في حقه خير من الوضوء فإن غايته أن يكون مندوبا قوله ( إلا مؤمن ) فإن الظاهر عنوان الباطن فطهارة الظاهر دليل على طهارة الباطن سيما الوضوء على المكاره كما في أيام البرد وفي الزوائد رجال إسناده ثقات أثبات إلا أن فيه انقطاعا بين سالم وثوبان فإنه لم يسمع منه بلا خلاف ولكن أخرجه الدارمي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه من طريق ثوبان متصلا .