قوله : لما نزلت ( ولله على الناس حج البيت ) المشهور في إعراب " من استطاع " أنه بدل [ ص: 208 ] من " الناس " مخصص له وبحث فيه بعضهم بأنه يلزم الفصل بين البدل والمبدل منه بالمبتدأ وهو مخل ، وقيل : إنه فاعل المصدر ورده ابن هشام بأن المعنى حينئذ ولله على الناس أن يحج المستطيع ، فيلزم إثم الجميع إذا تخلف المستطيع وتعقبه البدر في المصابيح بناء على أن تعريف الناس للاستغراق وهو ممنوع لجواز كونه للعهد ، والمراد هم المستطيعون ، وذلك لأن " حج البيت " مبتدأ خبره " لله على الناس " والمبتدأ وإن تأخر لفظا فهو مقدم على الخبر رتبة فالتقدير : حج المستطيعين البيت ثابت لله على الناس ، أي : على أولئك المستطيعين ، بل جعل التعريف للعهد مقدم على جعله للاستغراق فتعين المصير إليه عند الإمكان قوله : ( في كل عام ) أي : مفروض على كل إنسان مكلف في كل سنة ، أو هو مفروض عليه مرة واحدة قوله : ( لوجبت ) ظاهره يقتضي أن افتراض الحج كل عام كان معروضا عليه حتى لو قال نعم لحصل ، وليس بمستبعد إذ يجوز أن يأمر الله تعالى بالإطلاق ويفوض أمر التقييد إلى الذي فوض إليه البيان ، فهو إن أراد أن يقيد بكل عام يقيده به ، وفي الحديث إشارة إلىكراهة السؤال في النصوص المطلقة والتفتيش عن قيودها ، بل ينبغي إطلاقها حتى يظهر فيها قيد ، وقد جاء القرآن موافقا لهذه الكراهة .