قوله : ( وهو يرى أنه كذب ) بضم الياء من يرى أي من يظن قال النووي : وذكر بعض الأئمة جواز فتح الياء من يرى ومعناه يعلم ويجوز أن يكون بمعنى يظن أيضا فقد حكي رأى بمعنى ظن قلت : اعتبار الظن أبلغ وأشمل فهو أولى قال النووي : وقيد بذلك لأنه لا يأثم إلا برواية ما يعلمه أو يظنه كذبا وأما ما لا يعلمه ولا يظنه فلا إثم عليه في روايته وإن ظنه غيره كذبا أو علمه
قلت : وهذا يدل على أنه لا إثم على من يروي وهو في شك في كونه صادقا أو كاذبا وكذا من يروي وهو غافل عن ملاحظة الأمرين والأقرب أن الحديث يدل مفهوما على أن غير الظان لا يعد من جملة الكاذبين [ ص: 19 ] عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأما أنه لا يأثم فلا ؛ فليتأمل قوله ( فهو أحد الكاذبين ) قال النووي المشهور روايته بصيغة الجمع أي فهو واحد من جملة الواضعين الحديث والمقصود أن الرواية مع العلم بوضع الحديث كوضعه قالوا : هذا إذا لم يبين وضعه وقد جاء بصيغة التثنية والمراد أن الراوي له يشارك الواضع في الإثم قال الطيبي فهو كقولهم : القلم أحد اللسانين ، والجد أحد الأبوين ، كأنه يشير إلى ترجيح التثنية بكثرة وقوعها في أمثاله فهو المتبادر إلى الأفهام .