قوله : ( إلا أوتوا الجدل ) هو استثناء من أعم الأحوال بتقدير قد وذو الحال فاعل ما ضل لا الضمير المستتر الذي في خبر كان كما توهمه الطيبي فإنه فاسد معنى وإن كان الضمير المذكور راجعا إلى فاعل ما ضل فليفهم
والمراد بالجدال الخصام بالباطل وضرب الحق به وضرب الحق بعضه ببعض بإبداء التعارض والتدافع [ ص: 25 ] والتنافي بينهما لا المناظرة لطلب الثواب مع تفويض إلى الله عند العجز عن معرفة الكنه ثم تلا أي توضيحا لما ذكر بذكر مثال له لا للاستدلال به على الخصم المذكور فإنه لا يدل عليه فإن قلت : قريش ما كانوا على الهدى فلا يصلح ذكرهم مثالا قلت : نزل تمكنهم منه بواسطة البراهين الساطعة منزلة كونهم عليه فحيث دفعوا بعد ذلك الحق بالباطل وقرروا الباطل بقولهم : آلهتنا خير أم هو يريدون أنهم يعبدون الملائكة وهم خير من عيسى وقد عبده النصارى فحيث صح لهم عبادته صح لنا عبادتهم بالأولى فصاروا مثالا لما فيه الكلام .