قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الهداية : الذي يتحصل من البسملة أقوال : أحدها ـ أنها ليست من القرآن أصلا إلا في سورة النمل وهذا قول مالك وطائفة من الحنفية ورواية عن أحمد ثانيها ـ أنها آية من كل سورة أو بعض آية كما هو المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن وافقه وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها آية من الفاتحة دون غيرها وهو رواية عن أحمد . ثالثها ـ أنها آية من القرآن مستقلة برأسها وليست من السور بل كتبت في كل سورة للفصل فقد روى مسلم عن المختار بن فلفل عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد أنزلت علي سورة آنفا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر أخرجه مسلم ، وعن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم [ ص: 369 ] أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وهذا قول ابن المبارك وداود وهو المنصوص عن أحمد وبه قال جماعة من الحنفية . وقال أبو بكر الرازي هو مقتضى المذهب . وعن أحمد بعد ذلك روايتان أحدهما أنها من الفاتحة والثاني لا فرق وهو الأصح ، ثم اختلفوا في قراءتها في الصلاة فعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن تبعه تجب ، وعن مالك يكره ، وعن أبي حنيفة تستحب وهو المشهور عن أحمد . ثم اختلفوا فعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يسن الجهر ، وعن أبي حنيفة لا يسن ، وعن إسحاق يخير انتهى كلامه .
( كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ) بضم الدال على الحكاية ، واختلف في المراد بذلك ، فقيل المعنى كانوا يفتتحون بالفاتحة وهذا قول من أثبت الفاتحة في أولها ، وقيل المعنى : كانوا يفتتحون بهذا اللفظ تمسكا بظاهر الحديث ، وهذا قول من نفى قراءة البسملة ، لكن لا يلزم من قوله كانوا يفتتحون بالحمد أنهم لم يقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم سرا .
واعلم أنه قد اختلف في لفظ حديث أنس اختلافا كثيرا ففي لفظ : فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم رواه أحمد ومسلم وفي لفظ : فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم رواه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي على شرط الصحيح ، وفي لفظ : لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها رواه مسلم وفي لفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=758081فلم يكونوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه ، وفي لفظ " كانوا يسرون " رواه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة قال الحافظ : والذي يمكن أن يجمع به مختلف ما نقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يجهر بها فحيث جاء عن أنس أنه كان لا يقرؤها مراده نفي الجهر ، وحيث جاء عنه إثبات القراءة فمراده السر ، وقد ورد نفي الجهر عنه صريحا فهو المعتمد ، وقول أنس في رواية مسلم : لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها محمول على نفي الجهر أيضا لأنه الذي يمكن نفيه ، واعتماد من نفى مطلقا بقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=758082كانوا يفتتحون القراءة بالحمد " لا يدل على ذلك لأنه كان يفتتح بالتوجه وسبحانك اللهم وباعد بيني وبين خطاياي وبأنه كان يستعيذ وغير ذلك من الأخبار الدالة على أنه تقدم على قراءة الفاتحة شيئا بعد التكبير ، فيحمل قوله يفتتحون أي الجهر لتأتلف الأخبار ، انتهى .
[ ص: 370 ] واستدل بهذا الحديث من قال إنه لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وهم على ما حكاه الترمذي أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين ، وبه يقول سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وأحمد وإسحاق لا يرون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، قالوا ويقولها في نفسه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قد يحتج بهذا الحديث من لا يرى التسمية من فاتحة الكتاب وليس المعنى كما توهمه إنما وجهه ترك الجهر بالتسمية بدليل ما روى ثابت عن أنس أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=758083صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى . قال المنذري : وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث شعبة عن قتادة ، وأخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث أبي عوانة عن قتادة بنحوه .