( وفينا ) أي معشر القراء ( الأعرابي ) أي البدوي ( والعجمي ) أي غير العربي من الفارسي والرومي والحبشي كسلمان وصهيب وبلال قاله الطيبي قال الطيبي وقوله فينا يحتمل احتمالين : أحدهما : أن كلهم منحصرون في هذين الصنفين . وثانيهما : أن فينا معشر العرب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فيما بيننا تانك الطائفتان ، وهذا الوجه أظهر ، لأنه عليه الصلاة والسلام فرق بين الأعرابي والعربي بمثل ما في خطبته مهاجر ليس بأعرابي حيث جعل المهاجر ضد الأعرابي ، والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة ، والعرب اسم لهذا الصنف المعروف من الناس ولا واحد له من لفظه سواء أقام بالبادية أو المدن انتهى . وحاصله أن العرب أعم من الأعراب وهم أخص ، ومنه قوله تعالى الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله . ( فقال اقرءوا ) أي كلكم ( فكل حسن ) أي فكل واحدة من قراءتكم حسنة مرجوة للثواب إذا آثرتم الآجلة على العاجلة ، ولا عليكم أن لا تقيموا ألسنتكم إقامة القدح وهو السهم قبل أن يراش ( وسيجيء أقوام يقيمونه ) أي [ ص: 45 ] يصلحون ألفاظه وكلماته ويتكلفون في مراعاة مخارجه وصفاته ( كما يقام القدح ) أي يبالغون في عمل القراءة كمال المبالغة لأجل الرياء والسمعة والمباهاة والشهرة . قال الطيبي : وفي الحديث رفع الحرج وبناء الأمر على المساهلة في الظاهر ، وتحري الحسبة والإخلاص في العمل ، والتفكر في معاني القرآن ، والغوص في عجائب أمره ( يتعجلونه ) أي ثوابه في الدنيا ( ولا يتأجلونه ) بطلب الأجر في العقبى ، بل يؤثرون العاجلة على الآجلة ، ويتأكلون ولا يتوكلون .