وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري باب في كم يقصر الصلاة .
( إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال ) : اختلف في تقدير الميل فقال في الفتح الميل [ ص: 51 ] هو من الأرض منتهى مد البصر لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه وبذلك جزم الجوهري ، وقيل أن ينظر إلى الشخص في أرض مستوية فلا يدري أرجل هو أم امرأة أم ذاهب أو آت . قال النووي : الميل ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة والإصبع ست شعيرات معترضة معتدلة . قال الحافظ : وهذا الذي قال هو الأشهر . ومنهم من عبر عن ذلك باثني عشر ألف قدم بقدم الإنسان ، وقيل هو أربعة آلاف ذراع وقيل ثلاثة آلاف ذراع . نقله صاحب البيان ، وقيل خمسمائة وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وقيل ألفا ذراع . ومنهم من عبر عن ذلك بألف خطوة للجمل . قال ثم إن الذارع الذي ذكره النووي تحريره قد حرر غيره بذراع الحديد المشهور في مصر والحجاز في هذه الأعصار فوجده ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن ، فعلى هذا ؛ فالميل بذراع الحديد في القول المشهور خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعا ( أو ثلاثة فراسخ ) : الفرسخ في الأصل السكون ذكره ابن سيده ، وقيل السعة ، وقيل الشيء الطويل ، وذكر الفراء أن الفرسخ فارسي معرب وهو ثلاثة أميال .
واعلم أنه قد وقع الخلاف الطويل بين علماء الإسلام في مقدار المسافة التي يقصر فيها الصلاة . قال في الفتح فحكى ابن المنذر وغيره فيها نحوا من عشرين قولا أقل ما قيل في ذلك يوم وليلة وأكثره ما دام غائبا عن بلده ، وقيل أقل ما قيل في ذلك الميل كما رواه ابن شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر وإلى ذلك ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم الظاهري واحتج له بإطلاق السفر في كتاب الله تعالى كقوله وإذا ضربتم في الأرض الآية . وفي سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال فلم يخص الله ولا رسوله ولا المسلمون بأجمعهم سفرا من سفر ، ثم احتج على ترك القصر فيما دون الميل بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد خرج إلى البقيع لدفن الموتى وخرج إلى الفضاء للغائط والناس معه فلم يقصر ولا أفطر . وقد أخذ بظاهر حديث أنس المذكور في الباب الظاهرية كما قال النووي فذهبوا إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال . قال في الفتح وهو أصح حديث ورد في ذلك وأصرحه . وقد حمله من خالفه على أن المراد المسافة التي يبتدأ منها القصر لا غاية السفر . قال ولا يخفى بعد هذا الحمل مع أن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال سألت أنسا عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة يعني من البصرة فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع فقال أنس فذكر الحديث . قال فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدئ القصر منه . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأصحابهما nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وفقهاء أصحاب [ ص: 52 ] الحديث وغيرهم إلى أنه لا يجوز إلا في مسيرة مرحلتين وهما ثمانية وأربعون ميلا هاشمية كما قال النووي . وقال أبو حنيفة والكوفيون لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل .
وقد أورد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة يعني قوله في صحيحه وسمى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ السفر يوما وليلة بعد قوله باب في كم يقصر الصلاة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي إن ثبت هذا الحديث كانت الثلاثة فراسخ حدا فيما تقصر فيه الصلاة إلا أني لا أعرف أحدا من الفقهاء يقول به .
وقد روي عن أنس أنه كان يقصر الصلاة فيما بينه وبين خمسة فراسخ . وعن ابن عمر أنه قال إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر وعن علي أنه خرج إلى البجيلة فصلى بهم الظهر ركعتين ثم رجع من يومه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قال لي جابر بن زيد أقصر بعرفة .
فأما مذهب الفقهاء فإن الأوزاعي قال عامة العلماء يقولون مسيرة يوم تام وبهذا نأخذ . وقال مالك القصر من مكة إلى عسفان وإلى الطائف وإلى جدة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وإسحاق ، وإلى نحوه أشار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حين قال ليلتين قاصدتين .
وروي عن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري قريب من ذلك قالا يقصر في مسيرة يومين . واعتمد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك قول ابن عباس حين سئل فقيل له نقصر إلى عرفة قال لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف . وروى عن ابن عمر مثل ذلك وهو أربعة برد وهذا عن ابن عمر أصح الروايتين . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري وأصحاب الرأي لا يقصر إلا في مسافة ثلاثة أيام انتهى .