( دخل علي ) : بالياء للمتكلم ( أهراق الماء ) : بفتح الهمزة وسكون الهاء والمضارع فيه يهريق بسكون الهاء تشبيها له باسطاع يسطيع كأن الهاء زيدت عن حركة الياء التي كانت في الأصل ولهذا لا نظير لهذه الزيادة ، والظاهر أن المراد بالماء هاهنا البول .
قال ابن رسلان في شرحه : وفيه إطلاق أهرقت الماء وأما ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=752601لا يقولن أحدكم أهرقت الماء ولكن ليقل البول " ففي إسناده عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة وقد أجمعوا على ضعفه ( بوضوء ) : بفتح الواو أي الماء ( بتور ) : بفتح التاء وسكون الواو إناء صغير من صفر أو [ ص: 158 ] حجارة يشرب منه وقد يتوضأ منه ويؤكل منه الطعام ( حفنة من ماء ) : الحفن بفتح الحاء وسكون الفاء أخذ الشيء براحة الكف وضم الأصابع ، يقال حفنت له حفنا من باب ضرب ، والحفنة ملء الكفين والجمع حفنات ، مثل سجدة وسجدات ( فضرب ) : وفي رواية أحمد ثم أخذ بيديه فصك بهما وجهه ( بها ) : أي بالحفنة ( على وجهه ) : قال الحافظ ولي الدين العراقي : ظاهره يقتضي لطم وجهه بالماء ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه : فصك به وجهه ، وبوب عليه استحباب صك الوجه بالماء للمتوضئ عند إرادته غسل وجهه انتهى .
وفي هذا رد على علماء الشافعية فإنهم صرحوا بأن من مندوبات الوضوء أن لا يلطم وجهه بالماء كما نقله العراقي في شرحه والخطيب الشربيني في الإقناع .
وقالوا يمكن تأويل الحديث بأن المراد صب الماء على وجهه لا لطمه ، لكن رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ترد هذا التأويل ( ثم ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه ) : قال في التوسط أي جعل الإبهامين في الأذنين كاللقمة .
وقال السيوطي في مرقاة الصعود قال النووي : فيه دلالة لما كان ابن شريح يفعله فإنه كان يغسل الأذنين مع الوجه ويمسحهما أيضا منفردتين عملا بمذاهب العلماء ، وهذه الرواية فيها تطهيرهما مع الوجه ومع الرأس وقال العلامة الشوكاني في نيل الأوطار : وألقم إبهاميه أي جعل إبهاميه للبياض الذي بين الأذن والعذار كاللقمة للفم توضع فيه ، واستدل بذلك nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي على أن البياض الذي بين الأذن والعذار من الوجه كما هو مذهب الشافعية .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر لا أعلم أحدا من علماء الأمصار قال بقول مالك .
وعن أبي يوسف يجب على الأمرد غسله دون الملتحي .
قال ابن تيمية : وفيه حجة لمن رأى ما أقبل من الأذنين من الوجه وفيه أيضا ، والحديث يدل على أن يغسل ما أقبل من الأذنين مع [ ص: 159 ] الوجه ويمسح ما أدبر منهما مع الرأس وإليه ذهب الحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وذهب الزهري وداود إلى أنهما من الوجه فيغسلان معه ، وذهب من عداهم إلى أنهما من الرأس فيمسحان معه . انتهى كلام الشوكاني .
( ثم الثانية ثم الثالثة مثل ذلك ) : بالنصب أي فعل في المرة الثانية والثالثة مثله ( فصبها على ناصيته ) : قال النووي : هذه اللفظة مشكلة ، فإنه ذكر الصب على الناصية بعد غسل الوجه ثلاثا وقبل غسل اليدين ، فظاهره أنها مرة رابعة في غسل الوجه وهذا خلاف إجماع المسلمين ، فيتأول على أنه كان بقي من أعلى الوجه شيء ولم يكمل فيه الثلاث ، فأكمل بهذه القبضة .
قال الشيخ ولي الدين العراقي : الظاهر أنه إنما صب الماء على جزء من الرأس ، وقصد بذلك تحقق استيعاب الوجه كما قال الفقهاء ، وإنما يجب غسل جزء من الرأس لتحقق غسل الوجه .
قال السيوطي : وعندي وجه ثالث في تأويله ، وهو أن المراد بذلك ما يسن فعله بعد فراغ غسل الوجه من أخذ كف ماء وإسالته على جبهته .
قال بعض العلماء : يستحب للمتوضئ بعد غسل وجهه أن يضع كفا من ماء على جبهته ليتحدر على وجهه .
قلت : ما قاله السيوطي هو حسن جدا والحديث أخرجه أيضا أبو يعلى في مسنده من رواية حسين بن علي ، لكن بين حديث علي رضي الله عنه وحديث الحسنين رضي الله عنهما تغاير لأن في حديث علي إسالة الماء على جبهته بعد غسل الوجه وقبل غسل اليدين ، وفي حديثهما إسالته بعد الفراغ من الوضوء ، ولهذه المغايرة قال الشوكاني تحت حديث علي : فيه استحباب إرسال غرفة من الماء على الناصية ، لكن بعد غسل الوجه لا كما يفعله العامة عقيب الفراغ من الوضوء .
قلت : نعم إنما يدل حديث علي على ما قال الشيخ العلامة الشوكاني ، لكن دليل ما يفعله العامة حديث الحسنين رضي الله عنهما .
[ ص: 160 ] ( فتركها ) : أي القبضة من الماء ( تستن ) : أي تسيل وتنصب ، يقال سننت الماء إذا جعلته صبا سهلا ، وفي رواية أحمد : ثم أرسلها تسيل ( على رجله ) : اليمنى ( وفيها النعل ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قد يكون المسح في كلام العرب بمعنى الغسل أخبرني الأزهري أخبرني أبو بكر بن عثمان عن أبي حاتم عن أبي زيد الأنصاري قال : المسح في كلام العرب يكون غسلا ويكون مسحا ، ومنه يقال للرجل إذا توضأ فغسل أعضاءه قد تمسح ، ويحتمل أن تكون تلك الحفنة من الماء قد وصلت إلى ظاهر القدم وباطنها وإن كانت الرجل في النعل ويدل على ذلك قوله فغسلها بها ( ففتلها بها ) : هكذا في أكثر النسخ وفي بعضها فغسلها بها ، والفتل من باب ضرب أي لوى .
قال في التوسط : أي فتل رجله بالحفنة التي صبها عليها ، واستدل به من أوجب المسح وهم الروافض ومن خير بينه وبين الغسل ولا حجة لأنه حديث ضعيف ، ولأن هذه الحفنة وصلت إلى ظهر قدمه وبطنه ، لدلائل قاطعة بالغسل ، ولحديث علي أنه توضأ ومسح وقال : هذا وضوء من لم يحدث . انتهى .
وسيجيء بيانه في باب الوضوء مرتين إن شاء الله تعالى .
( ثم ) : ضرب بالحفنة على رجله ( الأخرى ) : أي اليسرى ( قال ) : أي عبد الله الخولاني ( قلت ) : nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس رضي الله عنهما ( وفي النعلين ) : أي أضرب حفنة من ماء على رجليه وكانت الرجلان في النعلين ( قال ) : ابن عباس نعم ( قال قلت وفي النعلين ) : [ ص: 161 ] وإنما كررها وسألها ثلاثا لعجبه الذي حصل له من فعل علي رضي الله عنه وهو ضرب الماء على الرجل التي فيها النعل .
وقال الشعراني في كشف الغمة عن جميع الأمة : إن القائل للفظ قلت هو ابن عباس سأل عليا وهذا لفظه .
قال ابن عباس : فسألت عليا رضي الله عنه فقلت وفي النعلين ؟ قال وفي النعلين ؛ الحديث . انتهى ، والله أعلم .
قال المنذري : في هذا الحديث مقال قال الترمذي : سألت nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل عنه فضعفه وقال ما أدري ما هذا . انتهى .
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
كذا في المنتقى وفي التلخيص ، ورواه البزار وقال لا نعلم أحدا روى هذا هكذا إلا من حديث عبيد الله الخولاني ولا نعلم أن أحدا رواه عنه إلا محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع فيه ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريقه مختصرا .
وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيما حكاه الترمذي . انتهى .
واعلم أن الحديث وإن كان رواته كلهم ثقات ، لكن فيه علة خفية اطلع عليها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وضعفه لأجلها ، ولعل العلة الخفية فيه هي ما ذكره البزار ، وأما مظنة التدليس من ابن إسحاق فارتفعت من رواية البزار ( وحديث nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ) : هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج نسب إلى جده ثقة فاضل ( عن شيبة ) : بن نصاح بكسر النون وتخفيف الصاد المهملة : مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ( يشبه حديث علي ) : في بعض المعاني ( قال فيه ) : أي في حديث شيبة .