( حفص بن عمر النمري ) : بفتحتين نسبة إلى نمر ( قال المسائل ) : جمع المسألة وجمعت لاختلاف أنواعها والمراد هنا سؤال أموال الناس ( كدوح ) : مثل صبور للمبالغة من الكدح بمعنى الجرح أو هي آثار الخموش . قال في المرقاة : فالإخبار به عن المسائل باعتبار من قامت به ، أي سائل الناس أموالهم جارح لهم بمعنى مؤذيهم أو جارح وجهه ، وبضم الكاف جمع كدح وهو أثر مستنكر من خدش أو عض ، والجمع هنا أنسب ليناسب المسائل ( يكدح بها الرجل ) : أي يجرح ويشين بالسائل ( وجهه ) : ويسعى في ذهاب عرضه بالسؤال يريق ماء وجهه فهي كالجراحة .
والكدح قد يطلق على غير الجرح ومنه قوله تعالى : إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ( فمن شاء ) : أي الإبقاء ( أبقى على وجهه ) : أي ماء وجهه من الحياء بترك السؤال والتعفف ( من شاء ) : أي عدم الإبقاء ( ترك ) : أي ذلك الإبقاء ( إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان ) : أي حكم وملك بيده بيت المال . وفيه دليل على جواز سؤال السلطان من الزكاة أو الخمس أو بيت المال أو نحو ذلك ، فيخص به عموم أدلة تحريم السؤال ( أو في أمر لا يجد منه بدا ) : أي علاجا آخر غير السؤال أو لا يوجد من السؤال فراقا وخلاصا . وفيه دليل على جواز المسألة عند الضرورة والحاجة التي لا بد عندها من السؤال كما في الحمالة والجائحة والفاقة بل يجب حال الاضطرار في العري [ ص: 38 ] والجوع . في سبل السلام : وأما سؤاله من السلطان فإنه لا مذمة فيه ؛ لأنه إنما يسأل مما هو حق له في بيت المال ولا منة للسلطان على السائل ؛ لأنه وكيل فهو كسؤال الإنسان وكيله أن يعطيه من حقه الذي لديه . وظاهره أنه وإن سأل السلطان تكثرا فإنه لا بأس فيه ولا إثم لأنه جعله قيما للأمر الذي لا بد منه . وقد فسر الأمر الذي لا بد منه حديث قبيصة وفيه لا يحل السؤال إلا لثلاثة : ذي فقر مدقع ، أو دم موجع ، أو غرم مفظع " الحديث . وقوله أو في أمر لا يجد منه بدا أي لا يتم له حصوله مع ضرورة إلا بالسؤال ، ويأتي حديث قبيصة قريبا وهو مبين ومفسر للأمر الذي لا بد منه .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وقال الترمذي : حسن صحيح .