قال في الفتح : اللعان مأخوذ من اللعن لأن الملاعن يقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . واختير لفظ اللعن دون الغضب في التسمية لأنه قول الرجل وهو الذي بدأ به في الآية ، وهو أيضا يبدأ به ، وقيل سمي لعانا لأن اللعن الطرد والإبعاد وهو مشترك بينهما ، وإنما خصت المرأة بلفظ الغضب لعظم الذنب بالنسبة إليها . ثم قال : وأجمعوا على أن اللعان مشروع وعلى أنه يجوز مع عدم التحقق . واختلف في وجوبه على الزوج ، لكن لو تحقق أن الولد ليس منه قوي الوجوب .
( أن عويمر بن أشقر ) : بمعجمة فقاف ( العجلاني ) : بفتح العين وسكون الجيم ( أرأيت رجلا ) : أي أخبرني عن حكم رجل ( وجد مع امرأته رجلا ) : أي وجزم أنه زنى بها ( أيقتله فتقتلونه ) : أي قصاصا ، وفي بعض النسخ فيقتلونه بالياء المثناة من تحت أي [ ص: 269 ] يقتله أهل القتيل ( أم كيف يفعل ) : يحتمل أن تكون أم متصلة والتقدير أم يصبر على ما به من المضض ، ويحتمل أن تكون منقطعة بمعنى الإضراب أي بل هناك حكم آخر لا نعرفه ويريد أن يطلع عليه فلذلك قال سل لي يا عاصم .
قال النووي : اختلفوا فيمن قتل رجلا قد جزم أنه زنى بامرأته ، فقال جمهورهم يقتل إلا أن يقوم بذلك بينة أو يعترف له ورثة القتيل ويكون القتيل محصنا والبينة أربعة من العدول من الرجال يشهدون على نفس الزنا . أما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان صادقا فلا شيء عليه ( فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائل وعابها ) : لما فيها من البشاعة وغيرها .
قال النووي : المراد كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها لا سيما ما كان فيه هتك ستر مسلم أو إشاعة فاحشة أو شناعة عليه ، وليس المراد المسائل المحتاج إليها إذا وقعت ، فقد كان المسلمون يسألون عن النوازل فيجيبهم - صلى الله عليه وسلم - بغير كراهة ( حتى كبر ) : بفتح الكاف وضم الموحدة أي عظم وزنا ومعنى ( لا أنتهي حتى أسأله عنها ) : أي لا أمتنع عن السؤال ( وهو وسط الناس ) بفتح السين وسكونها ( فقال يا رسول الله أرأيت ) : أي أخبرني وعبر بالإبصار عن الإخبار لأن الرؤية سبب العلم وبه يحصل الإعلام . فالمعنى أعلمت فأعلمني ( أيقتله فتقتلونه ) : الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه . وفي بعض النسخ فيقتلونه أي يقتله أهل القتيل ( قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآن ) : أي قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم إلى آخر الآيات ( فاذهب فأت بها ) : يعني فذهب فأتى بها ( فلما [ ص: 270 ] فرغا ) : أي عويمر وزوجته عن التلاعن ( كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ) : أي في نكاحي وهو كلام مستقل ( فطلقها عويمر ثلاثا ) : كلام مبتدأ منقطع عما قبله تصديقا لقوله في أنه لا يمسكها ، وإنما طلقها لأنه ظن أن اللعان لا يحرمها عليه فأراد تحريمها بالطلاق .
قال بعض الشراح : قوله كذبت عليها كلام مستقل توطئة لتطليقها ثلاثا يعني إن أمسكت هذه المرأة في نكاحي ولم أطلقها يلزم كأني كذبت فيما قذفتها ، لأن الإمساك ينافي كونها زانية ، فلو أمسكت فكأني قلت هي عفيفة لم تزن فطلقها ثلاثا لقوله إنه لا يمسكها انتهى ( قال ابن شهاب ) : هو الزهري ( فكانت تلك ) : أي الفرقة بين المتلاعنين .
قال المنذري : وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . ( أمسك المرأة عندك حتى تلد ) : هذا صريح في أن اللعان وقع بينهما وهي حامل ، وفيه جواز لعان الحامل .
قال المنذري : في إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه . ( حضرت لعانهما ) : أي لعان عويمر وامرأته ( ثم خرجت ) : أي امرأة عويمر ( فكان الولد يدعى إلى أمه ) : لقوله - صلى الله عليه وسلم - " nindex.php?page=hadith&LINKID=753145الولد للفراش وللعاهر الحجر " .