( إذا سمعتم به ) : أي بالطاعون كما في رواية أخرى ( بأرض ) : أي إذا بلغكم [ ص: 282 ] وقوعه في بلدة أو محلة ( فلا تقدموا عليه ) : بضم التاء من الإقدام ويجوز فتح التاء والدال من باب سمع . قال الزرقاني في شرح الموطأ لا تقدموا بفتح أوله وثالثه وروي بضم الأول وكسر الثالث انتهى . وفي رواية أخرى nindex.php?page=hadith&LINKID=753378فلا تدخلوا عليه أي يحرم عليكم ذلك لأن الإقدام عليه جراءة على خطر وإيقاع للنفس في التهلكة والشرع ناه عن ذلك ، قال تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ( وإذا وقع ) : أي الطاعون ( وأنتم ) : أي والحال أنتم ( بها ) : بذلك الأرض ( فرارا ) : أي بقصد الفرار ( منه ) : فإن ذلك حرام لأنه فرار من القدر وهو لا ينفع ، والثبات تسليم لما لم يسبق منه اختيار فيه فإن لم يقصد فرارا بل خرج لنحو حاجة لم يحرم . قاله المناوي في التيسير ( يعني الطاعون ) : الطاعون بوزن فاعول من الطعن عدلوا به عن أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء ويقال طعن فهو مطعون وطعين إذا أصابه الطاعون ، وإذا أصابه الطعن بالرمح فهو مطعون هذا كلام الجوهري . وقال الخليل : الطاعون الوباء . وقال صاحب النهاية : الطاعون المرض العام الذي يفسد له الهواء وتفسد به الأمزجة والأبدان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : الطاعون الوجع الغالب الذي يطفئ الروح كالذبحة سمي بذلك لعموم مصابه وسرعة قتله . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11927أبو الوليد الباجي : هو مرض يعم الكثير من الناس في جهة من الجهات بخلاف المعتاد من أمراض الناس ، ويكون مرضهم واحدا بخلاف بقية الأوقات ، فتكون الأمراض مختلفة . وقال عياض : أصل الطاعون القروح الخارجة في الجسد ، والوباء عموم الأمراض فسميت طاعونا لشبهها بها في الهلاك وإلا فكل طاعون وباء وليس كل وباء طاعونا . وقال النووي : هو بثر وورم مؤلم جدا يخرج مع لهب ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة شديدة بنفسجية كدرة ويحصل معه خفقان وقيء ، ويخرج غالبا في المراق والآباط ، وقد يخرج في الأيدي والأصابع وسائر الجسد . وقال جماعة من الأطباء منهم nindex.php?page=showalam&ids=13251أبو علي بن سينا : الطاعون مادة سمية تحدث ورما قتالا يحدث في المواضع الرخوة والمغابن من البدن وأغلب ما تكون تحت الإبط أو خلف [ ص: 283 ] الأذن أو عند الأرنبة . قاله الحافظ في الفتح . والمراد بالطاعون المذكور في الحديث الذي ورد في الهرب عنه الوعيد هو الوباء وكل موت عام . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في قوله عليه السلام : " لا تقدموا عليه " إثبات الحذر والنهي عن التعرض للتلف ، وفي قوله عليه السلام لا تخرجوا فرارا منه إثبات التوكل والتسليم لأمر الله تعالى وقضائه فأحد الأمرين تأديب وتعليم ، والآخر تفويض وتسليم انتهى .
وقال المنذري : والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم مطولا ، واختلف السلف في ذلك فمنهم من أخذ بظاهر الحديث وهم الأكثر . وعن عائشة قالت هو كالفرار من الزحف .
ومنهم من دخل إلى بلاد الطاعون وخرج عنها ، وروي هذا المذهب عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وأنه ندم على خروجه من سرغ .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ومسروق nindex.php?page=showalam&ids=13704والأسود بن هلال أنهم فروا من الطاعون . وروي عن عمرو بن العاص نحوه . وقال بعض أهل العلم : لم ينه عن دخول أرض الطاعون والخروج عنها مخافة أن يصيبه غير ما كتب عليه ، أو يهلك قبل أجله لكن حذار الفتنة على الحي من أن يظن أن هلاك من هلك لأجل قدومه ، ونجاة من نجا لفراره ، وهذا نحو نهيه عن الطيرة والقرب من المجذوم مع قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=753379لا عدوى . وقد روي عن ابن مسعود أنه قال : الطاعون فتنة على المقيم وعلى الفار ، أما الفار فيقول فررت فنجوت ، وأما المقيم فيقول أقمت فمت انتهى كلام المنذري .