البيع لغة مبادلة المال بالمال ، وكذا في الشرع لكن زيد فيه قيد التراضي ، وإنما جمعه دلالة على اختلاف أنواعه . والحكمة في شرعية البيع أن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه غالبا ، وصاحبه قد لا يبذله ، ففي شرعية البيع وسيلة إلى بلوغ الغرض من غير حرج .
( عن قيس بن أبي غرزة ) : بمعجمة وراء وزاي مفتوحتين غفاري صحابي نزل الكوفة ( نسمى ) : بصيغة المجهول ( السماسرة ) بالنصب على أنه مفعول ثان وهو بفتح السين الأولى وكسر الثانية جمع سمسار . قال في النهاية : السمسار القيم بالأمر الحافظ له ، وهو اسم الذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطا لإمضاء البيع ، والسمسرة ، البيع والشراء انتهى . ( فسمانا باسم هو أحسن منه ) : أي من اسمنا الأول . قال أبو سليمان الخطابي : السمسار أعجمي ، وكان كثير ممن يعالج البيع والشراء فيهم عجما فتلقوا هذا الاسم عنهم فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التجارة التي هي من الأسماء العربية ، وذلك معنى قوله : فسمانا باسم هو أحسن منه انتهى . ( إن البيع يحضره اللغو ) : أي غالبا وهو من الكلام ما لا يعتد به ، [ ص: 136 ] وقيل هو الذي يورد لا عن روية وفكر فيجري مجرى اللغو وهو صوت العصافير . ذكره الطيبي . قال القاري : والظاهر أن المراد منه ما لا يعنيه وما لا طائل تحته وما لا ينفعه في دينه ودنياه انتهى . ( والحلف ) : أي إكثاره أو الكاذب منه ( فشوبوه ) : بضم أوله أي اخلطوا ما ذكر من اللغو والحلف قاله القاري . ويحتمل أن يرجع الضمير المنصوب إلى البيع ( بالصدقة ) : فإنها تطفئ غضب الرب قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وقد احتج بهذا الحديث بعض أهل الظاهر ممن لا يرى الزكاة في أموال التجارة وقال : إنه لو كان يجب فيها صدقة كما يجب في سائر الأموال لأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بها ولم يقتصر على قوله : فشوبوه بالصدقة أو شيء من الصدقة .
وليس فيما ذكروه دليل على ما ادعوه لأنه أمرهم في هذا الحديث بشيء من الصدقة غير معلوم المقدار في تضاعيف الأيام من الأوقات ، ليكون كفارة عن اللغو والحلف ، فأما الصدقة التي هي ربع العشر الواجب عند تمام الحول فقد وقع البيان فيها من غير هذه الجهة ، وقد روى سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم أن يخرجوا الصدقة عن الأموال التي يعدونها للبيع ، وذكره أبو داود في كتاب الزكاة ، ثم هو عمل الأمة وإجماع أهل العلم انتهى .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وقال : ولا نعرف لقيس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا . وأخرج له أبو القاسم البغوي هذا الحديث وقال : لا أعلم ابن أبي غرزة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره هذا آخر كلامه . وقد روى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن التجار هم الفجار إلا من بر وصدق فمنهم من يجعلها حديثين انتهى كلام المنذري .