( من زرع في أرض قوم إلخ ) : فيه دليل على أن من غصب أرضا وزرعها كان الزرع للمالك للأرض وللغاصب ما غرمه في الزرع يسلمه له مالك الأرض قال الترمذي : والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم ، وهو قول أحمد وإسحاق ، قال ابن رسلان [ ص: 209 ] في شرح السنن : وقد استدل به كما قال الترمذي أحمد على أن من زرع بذرا في أرض غيره واسترجعها صاحبها فلا يخلو إما أن يسترجعها مالكها ويأخذها بعد حصاد الزرع ، أو يسترجعها والزرع قائم قبل أن يحصد ، فإن أخذها مستحقها بعد حصاد الزرع فإن الزرع لغاصب الأرض لا نعلم فيها خلافا ، وذلك لأنه نماء ماله وعليه أجرة الأرض إلى وقت التسليم ، وضمان نقص الأرض وتسوية حفرها . وإن أخذ الأرض صاحبها من الغاصب والزرع قائم فيها لم يملك إجبار الغاصب على قلعه وخير المالك بين أن يدفع إليه نفقته ويكون الزرع له أو يترك الزرع للغاصب ، وبهذا قال أبو عبيد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر الفقهاء : إن صاحب الأرض يملك إجبار الغاصب على قلعه ، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=753605ليس لعرق ظالم حق ويكون الزرع لمالك البذر عندهم على كل حال وعليه كراء الأرض ومن جملة ما استدل به الأولون ما أخرجه أحمد وأبو داود nindex.php?page=hadith&LINKID=753606أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زرعا في أرض ظهير فأعجبه الحديث ، وقد تقدم آنفا ، فدل على أن الزرع تابع للأرض .
قال الشوكاني : ولا يخفى أن حديث رافع بن خديج أخص من قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=3508279ليس لعرق ظالم حق مطلقا فيبنى العام على الخاص ، وهذا فرض أن قوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=753605ليس لعرق ظالم حق يدل على أن الزرع لرب البذر ، فيكون الراجح ما ذهب إليه أهل القول الأول من أن الزرع لصاحب الأرض إذا استرجع أرضه والزرع فيها ، وأما إذا استرجعها بعد حصاد الزرع فظاهر الحديث أنه أيضا لرب الأرض ، ولكنه إذا صح الإجماع على أنه للغاصب كان مخصصا لهذه الصورة .
وقد روي عن مالك وأكثر علماء المدينة مثل ما قاله الأولون .
ولكن قال الشوكاني : ما ذكرناه من الجمع أرجح لأن بناء العام على الخاص أولى من المصير إلى قصر العام على السبب من غير ضرورة .
( وله نفقته ) : أي للغاصب ما أنفقه على الأرض من المؤنة في الحرث والسقي وقيمة [ ص: 210 ] البذر وغير ذلك وقيل المراد بالنفقة قيمة الزرع فتقدر قيمته ويسلمها المالك والظاهر الأول .
قال الإمام أبو سليمان الخطابي بعدما ضعف الحديث : ويشبه أن يكون معناه لو صح وثبت على العقوبة والحرمان للغاصب ، والزرع في قول عامة الفقهاء لصاحب البذر لأنه تولد من عين ماله وتكون منه ، وعلى الزارع كراء الأرض غير أن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل كان يقول : إذا كان الزرع قائما فهو لصاحب الأرض ، فأما إذا حصد فإنما يكون له الأجرة .
وحكى ابن المنذر عن أبي داود قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل سئل عن حديث رافع بن خديج ، فقال : عن رافع ألوان ، ولكن أبا إسحاق زاد فيه : زرع بغير إذنه . وليس غيره يذكر هذا الحرف انتهى .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وقال الترمذي : حسن غريب لا نعرف من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك بن عبد الله ، قال : وسألت nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل يعني البخاري عن هذا الحديث ، فقال : هو حديث حسن ، وقال : لا أعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة بالحديث ، وحدثني الحسن بن يحيى عن موسى بن هارون الحمال أنه ينكر هذا الحديث ويضعفه ويقول : لم يروه عن أبي إسحاق غير شريك ولا رواه عن عطاء غير أبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئا ، وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا ، وقال تفرد بذلك شريك عن أبي إسحاق ، وشريك يهم كثيرا أو أحيانا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أيضا : وحكى ابن المنذر عن أبي داود ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يسأل عن حديث رافع بن خديج ، فقال : عن رافع ألوان ، ولكن أبا إسحاق زاد فيه : " زرع بغير إذنه " وليس غيره يذكر هذا الحرف انتهى . كلام المنذري .