بالمد الولاية المعروفة ، وهو في اللغة مشترك بين إحكام الشيء والفراغ منه ، ومنه فقضاهن سبع سماوات بمعنى إمضاء الأمر ، ومنه وقضينا إلى بني إسرائيل وبمعنى الحتم والإلزام ، ومنه وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه : وفي الشرع : إلزام ذي الولاية بعد الترافع ، وقيل : هو الإكراه بحكم الشرع في الوقائع الخاصة لمعين أو جهة ، والمراد بالجهة كالحكم لبيت المال وعليه . كذا في السبل . وقال الشربيني في الإقناع : القضاء بالمد كقباء وهو لغة : إمضاء الشيء وإحكامه ، وشرعا : فصل الخصومة بين خصمين فأكثر بحكم الله تعالى انتهى . وقال العيني في رمز الحقائق : هو في اللغة : الإتقان والإحكام ، وفي الشرع : هو فصل الخصومات . قاله الشارح ، والأولى أن يقال : هو قول ملزم يصدر عن ولاية عامة انتهى .
( من ولي القضاء ) : على بناء الفاعل بالتخفيف أي تصدى للقضاء وتولاه أو على بناء المفعول بالتشديد وهو المناسب لرواية " جعل قاضيا " . كذا في فتح الودود ( فقد ذبح ) : بصيغة المجهول ( بغير سكين ) : قال ابن الصلاح : المراد ذبح من حيث المعنى لأنه [ ص: 385 ] بين عذاب الدنيا إن رشد ، وبين عذاب الآخرة إن فسد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ومن تبعه : إنما عدل عن الذبح بالسكين ليعلم أن المراد ما يخاف من هلاك دينه دون بدنه وهذا أحد الوجهين ، والثاني : أن الذبح بالسكين فيه إراحة للمذبوح ، وبغير السكين كالخنق وغيره يكون الألم فيه أكثر ، فذكر ليكون أبلغ في التحذير . قال الحافظ في التلخيص : ومن الناس من فتن بحب القضاء فأخرجه عما يتبادر إليه الفهم من سياقه ، فقال : إنما ذبح بغير سكين إشارة إلى الرفق به ولو ذبح بالسكين لكان عليه أشق ولا يخفى فساده انتهى . وفي السبل : دل الحديث على التحذير من ولاية القضاء والدخول فيه ؛ كأنه يقول : من تولى القضاء فقد تعرض لذبح نفسه فليحذره وليتوقه ، فإنه إن حكم بغير الحق مع علمه به أو جهله له فهو في النار .
والمراد من ذبح نفسه إهلاكها ؛ أي فقد أهلكها بتولية القضاء ، وإنما قال : بغير سكين للإعلام بأنه لم يرد بالذبح قطع الأوداج الذي يكون غالبا بالسكين ، بل أريد به إهلاك النفس بالعذاب الأخروي انتهى .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه .