[ ص: 140 ] ( فتواصيت ) بالصاد المهملة من المواصاة أي : أوصت إحدانا الأخرى ( أيتنا ما دخل عليها ) لفظة ما زائدة . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " أن أيتنا دخل عليها " ( إني أجد منك ريح مغافير ) بفتح الميم والغين المعجمة وبعد الألف فاء جمع مغفور بضم الميم ، وليس في كلامهم مفعول بالضم إلا قليلا ، والمغفور صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يسمى العرفط بعين مهملة وفاء مضمومتين بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة ( فقالت ذلك ) أي : القول الذي تواصيا عليه ( له ) أي : للنبي - صلى الله عليه وسلم - ( ولن أعود له ) أي : للشرب ( فنزلت لم تحرم ما أحل الله لك ) من شرب العسل أو مارية القبطية ، قال ابن كثير : والصحيح أنه كان في تحريمه العسل .
قال الخازن : قاله العلماء الصحيح في سبب نزول الآية أنها في قصة العسل لا في [ ص: 141 ] قصة مارية المروية في غير الصحيحين ، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح . قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : إسناد حديث عائشة في العسل جيد صحيح غاية ، انتهى .
( فنزلت ) هذه الآيات يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك أي : من العسل أو من ملك اليمين وهي أم ولده مارية القبطية . قال النسفي : وكان هذا زلة من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله ، انتهى . وفي الخازن : وهذا التحريم تحريم امتناع عن الانتفاع بها أو بالعسل لا تحريم اعتقاد بكونه حراما بعد ما أحله الله تعالى ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - امتنع عن الانتفاع بذلك مع اعتقاده أن ذلك حلال .
تبتغي إلى : قوله تعالى : إن تتوبا إلى الله وتمام الآية مع تفسيرها تبتغي مرضات أزواجك تفسير لتحرم أو حال أي : تطلب رضاهن بترك ما أحل الله لك والله غفور قد غفر لك ما زللت فيه رحيم قد رحمك فلم يؤاخذك بذلك التحريم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم أي : قد قدر الله لكم ما تحللون به أيمانكم وهي الكفارة ، أو قد شرع لكم تحليلها بالكفارة ، أو شرع لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك حلل فلان في يمينه إذا استثنى فيها ، وذلك أن يقول إن شاء الله عقيبها حتى لا يحنث ، وتحريم الحلال يمين عند الحنفية . وعن مقاتل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعتق رقبة في تحريم مارية . وعن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وإنما هو تعليم للمؤمنين والله مولاكم وهو العليم الحكيم فيما أحل وحرم
وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه يعني حفصة حديثا حديث تحريم مارية أو تحريم العسل ، وقيل : حديث إمامة الشيخين فلما نبأت به أفشته إلى عائشة رضي الله عنها وأظهره الله عليه وأطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - على إفشائها الحديث على لسان جبرائيل عليه السلام عرف بعضه بتشديد الراء في قراءة أي : أعلم حفصة ببعض الحديث وأخبرها ببعض ما كان منها وأعرض عن بعض أي : لم يعرفها إياه ولم يخبرها به تكرما قال سفيان : ما زال التغافل من فعل الكرام ، والمعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر حفصة ببعض ما أخبرت به عائشة وهو تحريم مارية أو تحريم العسل وأعرض عن بعض فلما نبأها به أي : أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حفصة بما أفشت من السر وأظهره الله عليه ( قالت ) حفصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أنبأك هذا أي : من أخبرك بأني أفشيت السر قال نبأني العليم بالسرائر الخبير بالضمائر إن تتوبا إلى الله خطاب nindex.php?page=showalam&ids=41لحفصة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة على طريقة الالتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما وجواب الشرط محذوف ، والتقدير [ ص: 142 ] إن تتوبا إلى الله فهو الواجب ودل على المحذوف فقد صغت زاغت ومالت قلوبكما عن الحق وعن الواجب في مخالصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير فوج مظاهر له فما يبلغ تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه والله أعلم .
( nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة ) هذا تفسير من عائشة - رضي الله عنها - أو ممن دونها لقوله تعالى : إن تتوبا تعني الخطاب في قوله تعالى : إن تتوبا nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة ( لقوله ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا أيضا تفسير كما قبله لقوله تعالى : حديثا ، والمعنى أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أزواجه ، بل شربت عسلا هو مراد الله تعالى بقوله : حديثا أي : أسر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض أزواجه بقوله إني شربت عسلا ، قال الحافظ : كان المعنى وأما المراد بقوله تعالى : وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فهو لأجل قوله ، بل شربت عسلا ، انتهى .
واعلم أن في هذا الحديث أي : حديث عائشة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير أن شرب العسل كان عند زينب بنت جحش ، وفي الحديث الآتي أي : حديث nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن شرب العسل كان عند حفصة ، وأن عائشة nindex.php?page=showalam&ids=93وسودة nindex.php?page=showalam&ids=199وصفية هن اللواتي تظاهرن عليه ، فقال القاضي عياض : والصحيح الأول .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : إسناد حديث nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج صحيح جيد غاية . وقال الأصيلي : حديث حجاج أصح وهو أولى بظاهر كتاب الله تعالى وأكمل فائدة يريد قوله تعالى : وإن تظاهرا عليه وهما ثنتان لا ثلاثة وأنهما عائشة - رضي الله عنها - nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة - رضي الله عنها - كما اعترف به nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال : وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى الذي فيه أن الشرب كان عند حفصة . قال القاضي : والصواب أن شرب العسل كان عند زينب ذكره القرطبي والنووي ، قاله الشيخ علاء الدين في لباب التأويل .
قال المنذري : وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
( يحب الحلواء ) بالمد ويجوز قصره . قال العلامة القسطلاني في فقه اللغة [ ص: 143 ] للثعالبي : إن حلوى النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان يحبها هي المجيع بالجيم بوزن عظيم وهو تمر يعجن بلبن ، فإن صح هذا وإلا فلفظ الحلوى يعم كل ما فيه حلو ، كذا قال القسطلاني .
وقال النووي : المراد بالحلوى في هذا الحديث كل شيء حلو ، وذكر العسل بعدها للتنبيه على شرفه ومزيته وهو من الخاص بعد العام ( جرست ) بفتح الجيم والراء بعدها مهملة أي : رعت ، ولا يقال جرس بمعنى رعى إلا للنحل ( نحله العرفط ) بضم المهملة والفاء بينهما راء ساكنة وآخره طاء مهملة هو الشجر الذي صمغه المغافير ( نبت من نبت النحل ) هذا تفسير للعرفط من المؤلف رحمه الله ، أي : العرفط نبت من النبت الذي ترعيه النحل .