[ ص: 185 ] ( خرج من الخلاء ) بفتح الخاء ممدود المكان الخالي وهو هنا كناية عن موضع قضاء الحاجة ( فقالوا ) أي : بعض الصحابة رضي الله عنهم ( ألا نأتيك بوضوء ) بفتح الواو أي : ماء يتوضأ به ، ومعنى الاستفهام على العرض نحو ألا تنزل عندنا ( فقال إنما أمرت ) أي : وجوبا ( بالوضوء ) أي : بعد الحدث ( إذا قمت إلى الصلاة ) أي : أردت القيام لها وهذا باعتبار الأعم الأغلب ، وإلا فيجب الوضوء عند سجدة التلاوة ومس المصحف وحال الطواف ، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - علم من المسائل أنه اعتقد أن الوضوء الشرعي قبل الطعام واجب مأمور به ، فنفاه على طريق الأبلغ حيث أتى بأداة الحصر وأسند الأمر لله تعالى ، وهو لا ينافي جوازه ، بل استحبابه فضلا عن استحباب الوضوء العرفي ، سواء غسل يديه عند شروعه في الأكل أم لا ، والأظهر أنه ما غسلهما لبيان الجواز ، مع أنه آكد لنفي الوجوب المفهوم من [ ص: 186 ] جوابه - صلى الله عليه وسلم - ، وفي الجملة لا يتم استدلال من احتج به على نفي الوضوء مطلقا قبل الطعام مع أن في نفس السؤال إشعارا بأنه كان الوضوء عند الطعام من دأبه - عليه السلام - ، وإنما نفى الوضوء الشرعي فبقي العرفي على حاله ، ويؤيده المفهوم أيضا فمع وجود الاحتمال سقط الاستدلال ، والله أعلم بالحال ، كذا قال علي القاري في المرقاة وفي بعض كلامه خفاء كما لا يخفى .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وقال الترمذي حديث حسن .