قال العيني : الفتن بكسر الفاء جمع فتنة وهي المحنة والفضيحة والعذاب ، ويقال أصل الفتنة الاختبار ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه ، ثم أطلقت على كل مكروه وآيل إليه كالكفر والإثم والفضيحة والفجور وغير ذلك . انتهى .
والملاحم جمع ملحمة وهو موضع القتال ، إما من اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها أو من لحمة الثوب لاشتباك الناس واختلاطهم فيها كاشتباك لحمة الثوب لسداه ، والأول أنسب وأقرب .
وفي مشارق الأنوار : ملاحم القتال معاركها وهي مواضع القتال ، ولكن قال في القاموس الملحمة الوقعة العظيمة ، وفي الصراح ملحمة فتنة وحرب بزركك .
( قام ) : أي خطيبا وواعظا ( فينا ) : أي فيما بيننا أو لأجل أن يعظنا ويخبرنا بما سيظهر من الفتن لنكون على حذر منها في كل الزمن ( قائما ) : هكذا في جميع نسخ الكتاب والظاهر قياما وفي رواية مسلم مقاما ( شيئا يكون ) بمعنى يوجد صفة شيئا ، وقوله ( في [ ص: 238 ] مقامه ) : متعلق بترك ( ذلك ) : صفة مقامه إشارة إلى زمانه صلى الله عليه وسلم ، وقوله ( إلى قيام الساعة ) : غاية ليكون ، والمعنى قام قائما ، فما ترك شيئا يحدث فيه ، وينبغي أن يخبر بما يظهر من الفتن من ذلك الوقت إلى قيام الساعة ( إلا حدثه ) : أي ذلك الشيء الكائن ( حفظه من حفظه ) : أي المحدث به ( قد علمه ) : أي هذا القيام أو هذا الكلام بطريق الإجمال ( هؤلاء ) : أي الموجودون من جملة الصحابة ، لكن بعضهم لا يعلمونه مفصلا لما وقع لهم بعض النسيان الذي هو من خواص الإنسان ، وأنا الآخر ممن نسي بعضه ، وهذا معنى قوله ( وإنه ) : أي الشأن ( ليكون ) : منه الشيء واللام في ليكون مفتوحة على أنه جواب لقسم مقدر ، والمعنى : ليقع شيء مما ذكره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقد نسيته .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم : وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته ( فأذكره ) : أي فإذا عاينته تذكرت ما نسيته ( إذا غاب عنه ) : أي ثم ينسى .
وفيه كمال علمه صلى الله عليه وسلم بما يكون وكمال علم حذيفة واهتمامه بذلك واجتنابه من الآفات والفتن . [ ص: 239 ]
قال علي القاري في شرح الفقه الأكبر : إن الأنبياء لم يعلموا المغيبات من الأشياء إلا ما أعلمهم الله أحيانا ، وذكر الحنفية تصريحا بالتكفير باعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب لمعارضة قوله تعالى 27 65 65 قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله كذا في المسايرة .
وبالجملة لا يجوز أن يقال لأحد إنه يعلم الغيب . نعم الإخبار بالغيب بتعليم الله تعالى جائز ، وطريق هذا التعليم إما الوحي أو الإلهام عند من يجعله طريقا إلى علم الغيب انتهى .
وفي البحر الرائق : لو تزوج بشهادة الله ورسوله لا ينعقد النكاح ويكفر لاعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب . انتهى .
قال المزي في الأطراف : وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في القدر وأخرجه مسلم وأبو داود في الفتن . انتهى .