قال ابن بطال : ذهب أهل السنة وجمهور الأمة إلى جواز رؤية الله تعالى في الآخرة ، ومنع الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة .
وتمسكوا بأن الرؤية توجب كون المرئي محدثا ، وحالا في مكان ، وأولوا قوله تعالى : " ناظرة بمنتظرة وهو خطأ .
وما تمسكوا به فاسد لقيام الأدلة على أن الله تعالى موجود ، والرؤية في تعلقها بالمرئي بمنزلة العلم في تعلقه بالمعلوم ، فإذا كان تعلق العلم بالمعلوم لا يوجب حدوثه فكذلك المرئي .
قال : وتعلقوا بقوله تعالى : لا تدركه الأبصار وبقوله تعالى لموسى : لن تراني والجواب عن الأول أنه لا تدركه الأبصار في الدنيا جمعا بين دليلي الآيتين ، وبأن نفي الإدراك لا يستلزم نفي الرؤية لإمكان رؤية الشيء من غير إحاطة بحقيقته .
وعن الثاني المراد لن تراني في الدنيا جمعا أيضا ، ولأن نفي الشيء لا يقتضي إحالته مع ما جاء من الأحاديث الثابتة على وفق الآية ، وقد تلقاها المسلمون بالقبول من لدن الصحابة والتابعين حتى حدث من أنكر الرؤية وخالف السلف كذا في فتح الباري . وقد أورد الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه لإثباتها أحد عشر حديثا .
( جلوسا ) بالضم ، أي جالسين ( ليلة أربع عشرة ) بدل من ما قبله ( إنكم سترون [ ص: 45 ] ربكم ) أي يوم القيامة ( كما ترون هذا ) أي القمر ( لا تضامون ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في المعالم : هو من الانضمام ، يريد أنكم لا تختلفون في رؤيته حتى تجتمعوا للنظر وينضم بعضكم إلى بعض فيقول واحد هو ذاك ويقول آخر ليس بذلك على ما جرت به عادة الناس عند النظر إلى الهلال أول ليلة من الشهر ، ووزنه تفاعلون ، وأصله تتضامنون حذفت منه إحدى التاءين ، وقد رواه بعضهم لا تضامون بضم التاء وتخفيف الميم فيكون معناه على هذه الرواية أنه لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته .
( فإن استطعتم أن لا تغلبوا ) بصيغة المجهول أي لا تصيروا مغلوبين ( على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) يعني الفجر والعصر ، وخص [ ص: 46 ] بالمحافظة على هاتين الصلاتين الصبح والعصر لتعاقب الملائكة في وقتهما ، ولأن وقت صلاة الصبح وقت النوم وصلاة العصر وقت الفراغ من الصناعات وإتمام الوظائف ، فالقيام فيهما أشق على النفس .
( فافعلوا ) أي عدم المغلوبية بقطع الأسباب المنافية للاستطاعة كنوم ونحوه ، قاله القسطلاني . وقال السندي : أي لا يغلبنكم الشيطان حتى تتركوهما أو تؤخروهما عن أول وقت الاستحباب . انتهى .