( فلما صلى ) أي فرغ من صلاته ( ترعد ) بضم أوله وفتح ثالثه ، أي تتحرك كذا قال ابن رسلان ، وقال في المرقاة بالبناء للمجهول ، أي تحرك ، من أرعد الرجل إذا أخذته الرعدة وهي الفزع والاضطراب ( فرائصهما ) جمع فريصة وهي اللحمة التي بين جنب الدابة وكتفها ، أي ترجف من الخوف . قاله في النهاية . وسبب ارتعاد فرائصهما ما اجتمع في رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهيبة العظيمة والحرمة الجسيمة لكل من رآه مع كثرة تواضعه ( قد صلينا في رحالنا ) جمع رحل بفتح الراء وسكون المهملة هو المنزل ويطلق على غيره ولكن المراد هنا المنزل ( فإنها له نافلة ) فيه تصريح بأن الثانية نافلة والفريضة هي الأولى سواء صليت جماعة أو فرادى لإطلاق الخبر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في المعالم : وفي الحديث من الفقه إن من كان صلى في رحله ثم صادف جماعة يصلون كان عليه أن يصلي معهم أية صلاة كانت من صلوات الخمس ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق ، وبه قال الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري . وقال قوم : يعيد المغرب والصبح ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، وحكي ذلك عن الأوزاعي ، وكان مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري يكرهان أن يعيدوا صلاة المغرب ، وكان أبو حنيفة لا يرى أن يعيد صلاة العصر والمغرب والفجر إذا كان قد صلاهن .
قلت : وظاهر الحديث حجة على جماعة من منع عن شيء من الصلوات كلها ، ألا [ ص: 214 ] تراه عليه السلام يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=752791إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه ولم يستثن صلاة دون صلاة . وقال أبو ثور . لا تعاد العصر والفجر إلا أن يكون في المسجد وتقام الصلاة فلا يخرج حتى يصليها ، وقوله عليه السلام " فإنها له نافلة " يريد الصلاة الآخرة منها والأولى فريضة . وأما نهيه عليه السلام عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس ، فقد تأولوه على وجهين : أحدهما أن ذلك على معنى إنشاء الصلاة ابتداء من غير سبب ، وأما إذا كان لها سبب مثل أن يصادف قوما يصلون جماعة فإنه يعيدها معهم ليحرز الفضيلة . والوجه الآخر أنه منسوخ ، وذلك أن حديث يزيد بن جابر متأخر لأن في قصته أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ثم ذكر الحديث . وفي قوله عليه السلام فإنها نافلة دليل على أن صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس إذا كان لها سبب . وفيه دليل على أن صلاته منفردا مجزية مع القدرة على صلاة الجماعة وإن كان ترك الجماعة مكروها . انتهى . قال المنذري : وأخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .