قوله : ( وهو متوسد رداءه في زمزم ) وفي رواية لمسلم : عند زمزم ( ثم أصبح من يوم [ ص: 382 ] التاسع صائما إلخ ) قال النووي : هذا تصريح من ابن عباس بأنه مذهبه أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم ، ويتأوله على أنه مأخوذ من إظماء الإبل ، فإن العرب تسمي اليوم الخامس من يوم الورد ربعاء وكذا باقي الأيام على هذه النسبة فيكون التاسع عشرا ، وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن العاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم ، ممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأحمد وإسحاق وخلائق وهذا ظاهر الأحاديث ومقتضى اللفظ . وأما تقدير أخذه من الإظماء فبعيد ، ثم إن حديث ابن عباس الثاني يرد عليه ؛ لأنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=751496إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم عاشوراء ، فذكروا أن اليهود والنصارى تصومه فقال إنه في العام المقبل يصوم التاسع ، وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه ليس هو التاسع فتعين كونه العاشر ، انتهى .
قلت : وقد تأول قول ابن عباس هذا الزين بن المنير بأن معناه أنه ينوي الصيام في الليلة المتعقبة للتاسع ، وقواه الحافظ بحديث ابن عباس أنه -صلى الله عليه وسلم- قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=751497إذا كان المقبل إن شاء الله صمنا التاسع فلم يأت العام المقبل حتى توفي " قال : فإنه ظاهر في أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم العاشر وهم بصوم التاسع فمات قبل ذلك ، انتهى .
وقال الشوكاني : الأولى أن يقال إن ابن عباس أرشد السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه وهو التاسع لم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر ؛ لأن ذلك مما لا يسأل عنه ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة ، nindex.php?page=showalam&ids=11فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه أجاب عليه بأنه التاسع ، وقوله نعم بعد قول السائل : أهكذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم؟ بمعنى نعم هكذا كان يصوم لو بقي ؛ لأنه قد أخبرنا بذلك ولا بد من هذا ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- مات قبل صوم التاسع . وتأويل ابن المنير في غاية البعد ؛ لأن قوله وأصبح يوم التاسع صائما لا يحتمله ، انتهى كلام الشوكاني .