8 حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري قال nindex.php?page=hadith&LINKID=662378قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا قال nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت مستقبل القبلة فننحرف عنها ونستغفر الله قال أبو عيسى وفي الباب عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ومعقل بن أبي الهيثم ويقال معقل بن أبي معقل وأبي أمامة وأبي هريرة وسهل بن حنيف قال أبو عيسى حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح وأبو أيوب اسمه خالد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري اسمه nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وكنيته أبو بكر قال أبو الوليد المكي قال nindex.php?page=showalam&ids=13790أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي إنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا ببول ولا تستدبروها إنما هذا في الفيافي وأما في الكنف المبنية له رخصة في أن يستقبلها وهكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحق بن إبراهيم وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل رحمه الله إنما الرخصة من النبي صلى الله عليه وسلم في استدبار القبلة بغائط أو بول وأما استقبال القبلة فلا يستقبلها كأنه لم ير في الصحراء ولا في الكنف أن يستقبل القبلة
[ ص: 44 ] قوله : ( حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ) ابن حسان المكي القرشي روى عن ابن عيينة والحسين بن زيد العلوي ، وعنه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ووثقه ، مات سنة 249 تسع وأربعين ومائتين .
: ( أنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ) ابن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي ، ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بآخره ، وكان ربما دلس لكن عن الثقات ، من رءوس الطبقة الثامنة ، وكان أثبت الناس في nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ( عن الزهري ) يأتي اسمه وترجمته في هذا الباب ( عن عطاء بن يزيد الليثي ) المدني نزيل الشام ، ثقة من الثالثة ( عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري ) يأتي اسمه وترجمته .
قوله : ( إذا أتيتم الغائط ) أي في موضع قضاء الحاجة ، والغائط في الأصل المطمئن من الأرض ، ثم صار يطلق على كل مكان أعد لقضاء الحاجة ، وعلى النحو نفسه ، أي الخارج من الدبر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أصله المطمئن من الأرض كانوا يأتونه للحاجة فكنوا به عن نفس الحدث كراهة لذكره بخاص اسمه ، ومن عادة العرب التعفف في ألفاظها واستعمال الكناية في كلامها وصون الألسنة عما تصان الأبصار والأسماع عنه .
( فلا تستقبلوا القبلة ) أي جهة الكعبة ( بغائط ولا بول ) الباء متعلقة بمحذوف وهو حال من ضمير لا تستقبلوا أي لا تستقبلوا القبلة حال كونكم مقترنين بغائط أو بول ، قال السيوطي : قال أهل اللغة أصل الغائط المكان المطمئن كانوا يأتونه للحاجة فكنوا به عن نفس الحدث كراهة لاسمه ، قال : وقد اجتمع الأمران في الحديث ، فالمراد بالغائط في أوله المكان وفي آخره الخارج ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : غلب هذا الاسم على الحاجة حتى صار فيها أعرف منه في مكانها ، وهو أحد قسمي المجاز . انتهى كلام السيوطي .
( ولكن شرقوا أو غربوا ) أي توجهوا إلى جهة المشرق أو المغرب ، هذا خطاب لأهل المدينة ومن قبلته على ذلك السمت ممن هو في جهة الشمال والجنوب ، فأما من قبلته الغرب أو الشرق فإنه ينحرف إلى الجنوب أو الشمال ، كذا في المجمع وشرح السنة .
( فوجدنا مراحيض ) بفتح الميم وبالحاء المهملة والضاد المعجمة جمع مرحاض [ ص: 45 ] بكسر الميم ، وهو البيت المتخذ لقضاء حاجة الإنسان ، أي التغوط قاله النووي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي المراحيض واحدها مرحاض مفعال من رحض إذا غسل يقال ثوب رحيض أي غسيل ، والرحضاء عرق الحمى والرحضة إناء يتوضأ به . انتهى .
( فننحرف عنها ) أي عن جهة القبلة قاله القسطلاني .
( ونستغفر الله ) قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : يحتمل ثلاثة وجوه : الأول أن يستغفر الله من الاستقبال ، الثاني : أن يستغفر الله من ذنوبه ، فالذنب يذكر بالذنب ، الثالث : أن نستغفر الله لمن بناها فإن الاستغفار للمذنبين سنة ، وقال ابن دقيق العيد : قوله ونستغفر الله قيل يراد به لباني الكنيف على هذه الصورة الممنوعة عنده ، وإنما حملهم على هذا التأويل أنه إذا انحرف عنها لم يفعل ممنوعا فلا يحتاج إلى الاستغفار والأقرب أنه استغفار لنفسه ، ولعل ذلك لأنه استقبل واستدبر بسبب موافقته لمقتضى النهي غلطا أو سهوا فيتذكر فينحرف ويستغفر الله ، فإن قلت فالغالط والساهي لم يفعلا إثما فلا حاجة به إلى الاستغفار ، قلت أهل الورع والمناصب العلية في التقوى قد يفعلون مثل هذا بناء على نسبتهم التقصير إلى أنفسهم في عدم التحفظ ابتداء . انتهى كلام ابن دقيق العيد .
قال صاحب بذل المجهود : يعني كنا نجلس مستقبلي القبلة نسيانا على وفق بناء المراحيض ، ثم ننتبه على تلك الهيئة المكروهة فننحرف عنها ونستغفر الله تعالى عنها وتأويل الاستغفار لباني الكنف بعيد غاية البعد ، قال : وكان بناؤها من الكفار وبعيد غاية البعد أن يكون بناؤها من المسلمين مستقبلي القبلة . انتهى . قلت : يمكن أن يكون بناؤها من بعض المسلمين الذين كان مذهبهم جواز استقبال القبلة واستدبارها في الكنف والمراحيض كما هو مذهب الجمهور ، فليس فيه بعد غاية البعد والله تعالى أعلم ، ثم القول بأن المراد كنا نجلس مستقبلي القبلة نسيانا إلخ فيه أن النسيان يكون مرة أو مرتين ، ولفظ كنا ننحرف كما في رواية على الاستمرار والتكرار فتفكر .
قوله : ( وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=4708عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ) ، صحابي شهد فتح مصر واختط بها دارا مات سنة 86 ست وثمانين بمصر ، وهو آخر من مات بها من الصحابة .
( ومعقل بن أبي الهيثم ويقال معقل بن أبي معقل ) ويقال أيضا معقل ابن أم معقل وكله واحد ، يعد في أهل المدينة ، روى عنه أبو سلمة وأبو زيد مولاه وأم معقل توفي في أيام معاوية رضي الله عنه قاله nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير ، وقال الحافظ : له ولأبيه صحبة .
( وأبي أمامة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=3753وسهل بن حنيف ) أما [ ص: 46 ] حديث عبد الله بن الحارث فأخرجه ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان قاله الحافظ ، وأما حديث معقل فأخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وأما حديث أبي أمامة فلم أقف عليه ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فأخرجه مسلم في صحيحه مرفوعا بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=800039إذا جلس أحدكم على حاجة فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وأخرجه أيضا ابن ماجه والدارمي ، وأما حديث سهل بن حنيف فأخرجه الدارمي .
قوله : ( حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح ) وأخرجه الشيخان .
قوله : ( وأبو أيوب اسمه خالد بن زيد ) قال الحافظ في التقريب : خالد بن زيد بن كليب الأنصاري أبو أيوب من كبار الصحابة ، شهد بدرا ونزل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة عليه ، مات غازيا بالروم سنة 50 خمسين وقيل بعدها . انتهى .
( nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري اسمه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وكنيته أبو بكر ) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري ، متفق على جلالته وإتقانه وهو من رءوس الطبقة الرابعة ، كذا في التقريب ، وقال في الخلاصة هو أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام ، قال الليث : ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب ، وقال مالك كان ابن شهاب من أسخى الناس ، وتقيا ما له في الناس نظير ، مات سنة 124 أربع وعشرين ومائة . انتهى .
قوله : ( قال أبو الوليد المكي ) هو موسى بن أبي الجارود المكي أبو الوليد صاحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، عن ابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=13920والبويطي وجماعة ، وعنه الترمذي ، وثقه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان كذا في الخلاصة .
( قال nindex.php?page=showalam&ids=13790أبو عبد الله الشافعي ) هو الإمام الشافعي أحد الأئمة المشهورين اسمه محمد بن إدريس وتقدم ترجمته في المقدمة .
( إنما هذا في الفيافي ) على وزن الصحاري ومعناه ، واحدها الفيفاء بمعنى الصحراء .
( فأما في الكنف المبنية ) جمع كنيف أي البيوت المتخذة لقضاء الحاجة ( له رخصة في أن يستقبلها ) جزاء أما ، أي فجائز له أن يستقبل القبلة فيها ( وهكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ) هو إسحاق بن راهويه ، ثقة حافظ مجتهد [ ص: 47 ] قرين الإمام أحمد بن حنبل تقدم ترجمته في المقدمة; فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإسحاق أن استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول حرام في الصحراء وجائز في البنيان; ففرقا بين الصحراء والبنيان; قال الحافظ في الفتح : وبالتفريق بين البنيان والصحراء مطلقا ، قال الجمهور : وهو مذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وإسحاق وهو أعدل الأقوال لإعماله جميع الأدلة . انتهى . ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ) هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة المشهورين تقدم ترجمته في المقدمة ( إنما الرخصة إلخ ) حاصل قوله أنه لا يجوز الاستقبال في الصحراء ولا في البنيان ويجوز الاستدبار فيهما ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في هذا روايتان إحداهما هذه التي ذكرها الترمذي . والرواية الثانية عنه كقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإسحاق المذكور وعنه رواية ثالثة كما ستعرف .
اعلم أن الترمذي ذكر في هذا الباب قولين ، قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، وهاهنا أربعة أقوال فلنا أن نذكرها مع بيان ما لها وما عليها : قال النووي في شرح مسلم : قد اختلف العلماء في النهي عن استقبال القبلة بالبول والغائط على مذاهب :
الأول : مذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : أنه يحرم استقبال القبلة في الصحراء بالبول والغائط ولا يحرم ذلك بالبنيان ، وهذا مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين .
والمذهب الثاني : أنه لا يجوز ذلك لا في الصحراء ولا في البنيان ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري الصحابي ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وأحمد في رواية .
والمذهب الثالث : جواز ذلك في الصحراء والبنيان جميعا ، وهو مذهب عروة بن الزبير وربيعة شيخ مالك nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود الظاهري .
والمذهب الرابع : لا يجوز له الاستقبال في الصحراء ولا في البنيان ويجوز الاستدبار فيهما وهي إحدى الروايتين عن أبي حنيفة وأحمد .
واحتج المانعون مطلقا بالأحاديث الصحيحة الواردة في النهي مطلقا كحديث سلمان وأبي أيوب nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرهم .
واحتج من أباح الاستدبار دون الاستقبال بحديث سلمان يعني الذي رواه مسلم بلفظ : لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين . الحديث .
واحتج من حرم الاستقبال والاستدبار في الصحراء وأباحهما في البنيان بحديث ابن عمر وبحديث عائشة المذكورين وبحديث جابر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=800042نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها ، رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما ، وإسناده حسن ، وبحديث مروان الأصغر قال : رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها ، فقلت يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن ذلك؟ فقال بلى إنما نهي عن ذلك في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس . رواه أبو داود وغيره . فهذه أحاديث صحيحة صريحة بالجواز بين البنيان ، وحديث أبي أيوب وسلمان nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرهم وردت بالنهي ، فتحمل على الصحراء ليجمع بين الأحاديث . ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أمكن الجمع بين الأحاديث لا يصار إلى ترك بعضها ، بل يجب الجمع بينها والعمل بجميعها وقد أمكن الجمع على ما ذكرناه ، فوجب المصير إليه . انتهى كلام النووي بتلخيص . قلت : رجح النووي مذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهما ، ورجحه أيضا الحافظ ابن حجر حيث قال : هو أعدل الأقوال لإعماله جميع الأدلة . وعندي : أولى الأقوال وأقواها دليلا هو قول من قال : إنه لا يجوز ذلك مطلقا لا في البنيان ولا في الصحراء ، فإن القانون الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب لأمته هو قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=800043لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها " وهو بإطلاقه شامل للبنيان والصحراء ، ولم يغيره - صلى الله عليه وسلم - في حق أمته لا مطلقا ولا من وجه .
فأما حديث عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=800044أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم إلخ الذي ذكره النووي وقال إسناده حسن . فهو حديث ضعيف منكر لا يصلح للاحتجاج ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14324الحافظ الذهبي في الميزان : خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة : حولوا مقعدتي نحو القبلة أوقد فعلوها؟ لا يكاد يعرف ، تفرد عنه خالد الحذاء ، وهذا حديث منكر ، فتارة رواه الحذاء عن عراك ، وتارة يقول عن رجل عن عراك ، وقد روى عن خالد بن أبي الصلت سفيان بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=16874ومبارك بن فضالة وغيرهما ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات ، وما علمت أحدا يعرض إلى لينه ، لكن [ ص: 49 ] الخبر منكر . انتهى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : خالد بن أبي الصلت عن عراك مرسل ، كذا في التهذيب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في المحلى إنه ساقط لأن راوية خالد وهو ثقة عن خالد بن أبي الصلت وهو مجهول لا ندري من هو ، وأخطأ فيه عبد الرزاق فرواه عن خالد الحذاء عن كثير بن الصلت وهذا أبطل وأبطل; لأن nindex.php?page=showalam&ids=15804خالدا الحذاء لم يدرك كثير بن الصلت . انتهى .
ولو صح هذا الحديث لما كانت فيه حجة على تغيير ذلك القانون ونسخه; لأن نصه صلى الله عليه وسلم يبين أنه إنما كان قبل النهي; لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك وهذا ما لا يظنه مسلم ، ولا ذو عقل ، وفي هذا الخبر إنكار ذلك عليهم ، فلو صح لكان منسوخا بلا شك .
وأما حديث ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلا بيت المقدس مستدبرا القبلة . فهو أيضا لا يدل على نسخ ذلك القانون لما مر في حديث جابر آنفا .
وأما حديث مروان الأصغر فهو أيضا لا يدل على نسخ ذلك القانون; لأن قول ابن عمر فيه إنما نهى عن ذلك في الفضاء ، يحتمل أنه قد علم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل أنه قال ذلك استنادا إلى الفعل الذي شاهده ورواه ، فكأنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة مستدبرا القبلة فهم اختصاص النهي بالبنيان ، فلا يكون هذا الفهم حجة ، فإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال .
فالحاصل : أن أولى الأقوال وأقواها عندي - والله أعلم - هو قول من قال إنه لا يجوز الاستقبال والاستدبار مطلقا ، قال القاضي الشوكاني في النيل : الإنصاف الحكم بالمنع مطلقا ، والجزم بالتحريم ، حتى ينتهض دليل يصلح للنسخ أو التخصيص أو المعارضة ولم نقف على شيء من ذلك . انتهى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي في شرح الترمذي : والمختار - والله الموفق - أنه لا يجوز الاستقبال ولا الاستدبار في الصحراء ولا في البنيان; لأنا إن نظرنا إلى المعاني فقد بينا أن الحرمة للقبلة ، ولا يختلف في البادية ولا في الصحراء ، وإن نظرنا إلى الآثار فإن حديث أبي أيوب عام في كل [ ص: 50 ] موضع معلل بحرمة القبلة ، وحديث ابن عمر لا يعارضه ولا حديث جابر لأربعة أوجه :
أحدها : أنه قول وهذان فعلان ولا معارضة بين القول والفعل .
الثاني : أن الفعل لا صيغة له ، وإنما هو حكاية حال ، وحكايات الأحوال معرضة للأعذار والأسباب ، والأقوال لا محتمل فيها من ذلك .
الثالث : أن القول شرع مبتدأ وفعله عادة ، والشرع مقدم على العادة .
الرابع : أن هذا الفعل لو كان شرعا لما تستر به . انتهى . وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي قبل هذا : اختلف في تعليل المنع في الصحراء ، فقيل ذلك لحرمة المصلين ، وقيل ذلك لحرمة القبلة ، ولكن جاز في الحواضر للضرورة ، والتعليل بحرمة القبلة أولى لخمسة أوجه :
أحدها : أن الوجه الأول قاله الشعبي ، فلا يلزم الرجوع إليه .
الثاني : أنه إخبار عن مغيب ، فلا يثبت إلا عن الشارع .
الثالث : أنه لو كان لحرمة المصلين لما جاز التغريب والتشريق أيضا; لأن العورة لا تخفى معه أيضا عن المصلين ، وهذا يعرف باختبار المعاينة .
الخامس : أن ظاهر الأحاديث يقتضي أن الحرمة إنما هي للقبلة ، لقوله : لا تستقبلوا القبلة ، فذكرها بلفظها فأضاف الاحترام لها . انتهى .
قلت : الظاهر أن الحرمة إنما هي للقبلة والله تعالى أعلم ، ولو صح حديث البزار الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي لكان قاطعا في ذلك; لكن لم نقف على سنده ، فالله أعلم بحال إسناده .