قوله : ( ماذا تأمرنا أن نلبس ) من لبس بكسر الباء وبفتحها لبسا بضم اللام ، لا من لبس بفتح الباء يلبس بكسرها لبسا بالفتح ، فإنه بمعنى الخلط ومنه قوله تعالى : لا تلبسوا الحق بالباطل في الحرم بضم الحاء وسكون الراء أي في الإحرام ( لا تلبس القميص ) قال الطيبي : يحرم لبسه ؛ لأنه منحصر ( ولا السراويلات ) جمع أو جمع الجمع ( ولا البرانس ) بفتح الموحدة وكسر النون ، جمع البرنس بضمهما .
قال الجزري في النهاية : هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره ، وقال الجوهري : هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام من البرس بكسر الباء القطن ، والنون زائدة ، وقيل إنه غير عربي ، انتهى كلام الجزري .
( ولا العمائم ) جمع العمامة بكسر العين ( ولا الخفاف ) بكسر الخاء جمع الخف ( فليلبس الخفين ما أسفل من الكعبين ) وفي رواية الشيخين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، قاله الحافظ في الفتح والمراد كشف الكعبين في الإحرام ، وهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق [ ص: 484 ] والقدم ويؤيده ما روى ابن أبي شيبة عن جرير عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه قال : إذا اضطر المحرم إلى الخفين خرق ظهورهما وترك فيهما قدر ما يستمسك رجلاه .
وقال محمد بن الحسن ومن تبعه من الحنفية : الكعب هنا هو العظم الذي في وسط القدم عند معقد الشراك . وقيل إن ذلك لا يعرف عند أهل اللغة ، وقيل إنه لا يثبت عن محمد وأن السبب في نقله عنه أن nindex.php?page=showalam&ids=17244هشام بن عبيد الله الرازي سمعه يقول في مسألة المحرم إذا لم يجد النعلين حيث يقطع خفيه ، فأشار محمد بيده إلى موضع القطع . ونقله هشام إلى غسل الرجلين في الطهارة قال : ونقل عن الأصمعي وهو قول الإمامية أن الكعب عظم مستدير تحت عظم الساق حيث مفصل الساق والقدم . وجمهور أهل اللغة أن في كل قدم كعبين .
قال : وظاهر الحديث أنه لا فدية على من لبسهما إذا لم يجد النعلين . وعن الحنفية تجب ، وتعقب بأنها لو وجبت لبينها النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ لأنه وقت الحاجة ، واستدل به على اشتراط القطع خلافا للمشهور عن أحمد ، فإنه أجاز لبس الخفين من غير قطع لإطلاق حديث ابن عباس ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين ، وتعقب بأنه موافق على قاعدة حمل المطلق على المقيد . فينبغي أن يقول بها هنا ، انتهى .
( مسه الزعفران ) لما فيه من الطيب ( ولا الورس ) بفتح الواو وسكون الراء وهو نبت أصفر طيب الريح يصبغ به . ( ولا تنتقب المرأة الحرام ) أي المحرمة أي لا تستر وجهها بالبرقع والنقاب ( ولا تلبس القفازين ) القفاز بضم القاف وتشديد الفاء شيء تلبسه نساء العرب في أيديهن يغطي الأصابع والكف والساعد من البرد ، ويكون فيه قطن محشو ، ذكره الطيبي وقيل : يكون له أزرار يزر على الساعد .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .
قوله : ( والعمل عليه عند أهل العلم ) قال عياض : أجمع المسلمون على أن ما ذكر في الحديث لا يلبسه المحرم وأنه نبه بالقميص والسراويل على كل مخيط ، وبالعمائم والبرانس على كل ما يغطي الرأس به مخيطا أو غيره ، وبالخفاف على كل ما يستر الرجل ، انتهى .
وقال ابن المنذر : أجمعوا على أن للمرأة لبس جميع ما ذكر ، وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسه الزعفران أو الورس ، انتهى .