قوله : ( وهو أشد بياضا من اللبن ) جملة حالية ( فسودته خطايا بني آدم ) قال في المرقاة : أي صارت ذنوب بني آدم الذين يمسحون الحجر سببا لسواده ، والأظهر حمل الحديث على حقيقته إذ لا مانع نقلا ولا عقلا . وقال بعض الشراح من علمائنا يعني الحنفية : هذا الحديث يحتمل أن يراد به المبالغة في تعظيم شأن الحجر وتفظيع أمر الخطايا والذنوب ، والمعنى أن الحجر لما فيه من الشرف والكرامة واليمن والبركة شارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها ، وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض منه أسود فكيف بقلوبهم ، أو لأنه من حيث إنه مكفر للخطايا محاء للذنوب كأنه من الجنة ، ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم صار كأنه ذو بياض شديد فسودته الخطايا ومما يؤيد هذا أنه كان فيه نقط بيض ثم لا زال السواد فتراكم عليها حتى عمها .
قال الحافظ ابن حجر : واعترض بعض الملحدين على هذا الحديث فقال كيف سودته خطايا المشركين ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟ وأجيب بما قال ابن قتيبة : لو شاء الله لكان ذلك وإنما أجرى الله العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ على العكس من البياض . وقال المحب الطبري : في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة . فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد ، قال وروي عن ابن عباس إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة فإن ثبت فهذا هو الجواب . قال الحافظ ابن حجر : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في فضائل مكة بإسناد ضعيف ، انتهى .
[ ص: 526 ] قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمرو ) أخرجه الترمذي في هذا الباب وأخرجه أحمد وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان وسيجيء الكلام عليه ( nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ) أخرجه ابن ماجه عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " nindex.php?page=hadith&LINKID=751823من فاوض الحجر الأسود فكأنما يفاوض يد الرحمن " . وفي فضائل مكة للجندي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس : إن هذا الركن الأسود هو يمين الله في الأرض يصافح به عباده مصافحة الرجل أخاه . ومن حديث الحكم بن أبان عن عكرمة عنه زيادة فمن لم يدرك بيعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم استلم الحجر فقد بايع الله ورسوله . وقال المحب الطبري : والمعنى كونه يمين الله -والله أعلم- كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه ، ولما كان الحاج والمعتمر أول ما يقدمان يسن لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك يده ولله المثل الأعلى ، ولذلك من صافحه كان عند الله عهد كما أن الملك يعطي العهد بالمصافحة ، كذا في عمدة القاري .
واعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس حديثا آخر في فضل الحجر الأسود عند الترمذي رواه في أواخر كتاب الحج مرفوعا بلفظ : والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان إلخ .
قوله : ( حديث ابن عباس حديث حسن صحيح ) قال الحافظ في الفتح : وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق لكنه اختلط وجرير ممن سمع منه بعد اختلاطه لكن له طريق أخرى في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة فيقوى بها وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق حماد بن سلمة عن عطاء مختصرا ولفظه : الحجر الأسود من الجنة ، وحماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط . وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة أيضا عن ابن عباس مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=751824إن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق ، وصححه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وله شاهد من حديث أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أيضا ، انتهى ما في الفتح .