قوله : ( فوقص ) بصيغة المجهول أي كسر عنقه ، قال في النهاية : الوقص كسر عنق ، وقصت [ ص: 21 ] عنقه أقصها وقصا ، ووقصت به راحلته كقولك خذ الخطام وخذ بالخطام ، ولا يقال : وقصت العنق نفسها ، ولكن يقال : وقص الرجل ؛ فهو موقوص انتهى ( ولا تخمروا رأسه ) أي : لا تغطوه ( يهل أو يلبي ) شك من الراوي ، والجملة حال ، أي : يبعث ملبيا . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .
قوله : ( وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وإسحاق ) وهو قول الجمهور قالوا : لا ينقطع إحرام المحرم بعد موته ؛ فلا يغطى رأسه ، ويكفن في ثوبيه ، واستدلوا بحديث الباب .
قوله : ( وقال بعض أهل العلم إذا مات المحرم ينقطع إحرامه ، ويصنع به ما يصنع بغير المحرم ) وهو قول الحنفية والمالكية ، واستدلوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=875406إذا مات ابن آدم انقطع عمله الحديث . رواه مسلم ، وأجاب العيني والزرقاني وغيرهما من الحنفية والمالكية عن حديث الباب بأن النبي صلى الله عليه وسلم لعله عرف بالوحي بقاء إحرامه بعد موته ، فهو خاص بذلك الرجل ، وبأنه واقعة حال لا عموم لهما ، وبأنه علله بقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=751899فإنه يبعث ملبيا ، وهذا الأمر لا يتحقق في غيره وجوده ؛ فيكون خاصا به ، قال صاحب التعليق الممجد ـ بعد ذكر هذه الأجوبة ـ ما لفظه : ولا يخفى على المنصف أن هذا كله تعسف ؛ فإن البعث ملبيا ليس بخاص به ، بل هو عام في كل محرم حيث ورد nindex.php?page=hadith&LINKID=751900يبعث كل عبد على ما مات عليه أخرجه مسلم ، وورد nindex.php?page=hadith&LINKID=751901من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، وورد أن المؤذن يبعث وهو يؤذن ، والملبي يبعث وهو يلبي . أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب ، وورد غير ذلك مما يدل عليه أيضا كما بسطه السيوطي في البدور السافرة في أحوال الآخرة ، فهذا التعليل لا دلالة له على الاختصاص ، وإنما علل به ؛ لأنه لما حكم بعدم التخمير المخالف لسنن الموتى نبه على حكمه فيه ، وهو أنه يبعث ملبيا فينبغي إبقاؤه على صورة الملبين ، واحتمال الاختصاص بالوحي مجرد احتمال لا يسمع ، وكونه واقعة حال لا عموم لها إنما يصح إذا لم يكن فيه تعليل ، وأما إذا وجد وهو عام فيكون الحكم عاما ، والجواب عن أثر ابن عمر يعني الذي رواه محمد عن مالك عن نافع أن ابن عمر كفن ابنه واقد بن عبد الله ، وقد مات محرما بالجحفة وخمر رأسه ، أنه يحتمل أنه لم يبلغه الحديث ، ويحتمل أن يكون بلغه وحمله على [ ص: 22 ] الأولوية ، وجوز التخمير ، ولعل هذا هو الذي لا يتجاوز الحق عنه ، انتهى كلام صاحب التعليق الممجد ، وقال الحافظ في فتح الباري : قال أبو الحسن بن القصار : لو أريد تعميم هذا الحكم في كل محرم لقال فإن المحرم كما جاء أن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دما ، وأجيب بأن الحديث ظاهر في أن العلة في الأمر المذكور كونه كان في النسك ، وهي عامة في كل محرم ، والأصل أن كل ما ثبت لواحد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت لغيره حتى يتضح التخصيص انتهى .