قال العلماء من أهل اللغة والفقهاء ، وغيرهم : الوليمة الطعام المتخذ للعرس مشتقة من الولم ، وهو الجمع ؛ لأن الزوجين يجتمعان ، قاله الأزهري ، وغيره ، وقال الأنباري أصلها تمام الشيء واجتماعه والفعل منها أولم قاله النووي ، واعلم أن العلماء ذكروا أن الضيافات ثمانية أنواع : الوليمة [ ص: 183 ] للعرس ، والخرس بضم الخاء المعجمة ، ويقال بالصاد المهملة أيضا للولادة والإعذار بكسر الهمزة وبالعين المهملة والذال المعجمة للختان ، والوكيرة للبناء ، والنقيعة لقدوم المسافر ، مأخوذة من النقع ، وهو الغبار ، ثم قيل إن المسافر يصنع الطعام ، وقيل يصنعه غيره له والعقيقة يوم سابع الولادة ، والوضيمة بفتح الواو ، وكسر الضاد المعجمة ، الطعام عند المصيبة ، والمأدبة بضم الدال وفتحها ، الطعام المتخذ ضيافة بلا سبب ، والوضيمة من هذه الأنواع الثمانية ليست بجائزة ، بل هي حرام ، وقال الحافظ في الفتح ، وقد فاتهم ذكر الحذاق بكسر المهملة وتخفيف الذال المعجمة وآخره قاف : الطعام الذي يتخذ عند حذق الصبي ذكره ابن الصباغ في الشامل ، وقال ابن الرفعة هو الذي يصنع عند الختم أي : ختم القرآن ، كذا قيده .
ويحتمل ختم قدر مقصود منه ، ويحتمل أن يطرد ذلك في حذقه لكل صناعة قال وروى أبو الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=752075الوليمة حق وسنة ، الحديث ، وفي آخره قال : والخرس والإعذار والتوكير أنت فيه بالخيار ، وفيه تفسير ذلك ، وظاهر سياقه الرفع ، ويحتمل الوقف ، وفي مسند أحمد من حديث عثمان بن أبي العاص في وليمة الختان : لم يكن يدعى لها . انتهى .
قوله : ( رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة ) قال النووي ، وفي رواية ردع من زعفران براء ودال وعين مهملات . هو أثر الطيب ، والصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران ، وغيره من طيب العروس ، ولم يقصده ، ولا تعمد التزعفر . فقد ثبت في الصحيح النهي عن التزعفر للرجال ، وكذا نهى الرجال عن الخلوق ؛ لأنه شعار النساء ، وقد نهى الرجال عن التشبه بالنساء فهذا هو الصحيح في معنى الحديث ، وهو الذي اختاره القاضي والمحققون ، قال القاضي : وقيل إنه يرخص في ذلك للرجل العروس ، وقد جاء ذلك في أثر ذكره أبو عبيد أنهم كانوا يرخصون في ذلك للشاب أيام عرسه ، قال ، وقيل لعله كان يسيرا فلم ينكر . انتهى كلام النووي . ( على وزن نواة من ذهب ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي النواة اسم لقدر معروف عندهم فسروها بخمسة دراهم من ذهب قال القاضي : كذا فسرها أكثر العلماء ( أولم ولو بشاة ) قال الحافظ ليست " لو " هذه الامتناعية إنما هي التي للتقليل ، ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بعد قوله : أعرست ؟ nindex.php?page=hadith&LINKID=752076قال نعم ، قال أولمت ؟ قال لا : فرمى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنواة من ذهب فقال أولم ، ولو بشاة وهذا لو صح كان فيه أن الشاة من إعانة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يعكر على من استدل به على أن الشاة أقل ما يشرع للموسر ، ولكن الإسناد ضعيف قال ، ولولا ثبوت أنه صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بأقل من الشاة [ ص: 184 ] لكان يمكن أن يستدل به على أن الشاة أقل ما تجزئ في الوليمة .
ومع ذلك فلا بد من تقييده بالقادر عليها ، قال عياض : وأجمعوا على أن لا حد لأكثرها ، وأما أقلها فكذلك ، ومهما تيسر أجزأ والمستحب أنها على قدر حال الزوج ، وقد تيسر على الموسر الشاة فما فوقها . انتهى .
، وقد استدل بقوله : أولم ، ولو بشاة على وجوب الوليمة ؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب .
وروى أحمد من حديث بريدة قال : لما خطب علي فاطمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=752077إنه لا بد للعروس من وليمة قال الحافظ : سنده لا بأس به ، وهذا الحديث قد استدل به على وجوب الوليمة ، وقال به بعض أهل العلم ، وأما قول ابن بطال : لا أعلم أحدا أوجبها ، ففيه أنه نفى علمه ، وذلك لا ينافي ثبوت الخلاف في الوجوب ، وقد وقع في حديث وحشي بن حرب عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني مرفوعا : الوليمة حق ، وكذا وقع في أحاديث أخرى ، قال ابن بطال : قوله " حق " أي : ليس بباطل ، بل يندب إليها ، وهي سنة فضيلة ، وليس المراد بالحق الوجوب ، وأيضا هو طعام لسرور حادث ، فأشبه سائر الأطعمة ، والأمر محمول على الاستحباب ، ولكونه أمر بشاة ، وهي غير واجبة اتفاقا .
قوله : ( وفي الباب عن ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وجابر وزهير بن عثمان ) أما حديث ابن مسعود فأخرجه الترمذي في هذا الباب ، وأما حديث عائشة فلينظر من أخرجه ، وأما حديث جابر فأخرجه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عنه مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=752078إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم ، وإن شاء ترك وأما حديث زهير بن عثمان فأخرجه أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ولفظ أبي داود nindex.php?page=hadith&LINKID=875634الوليمة أول يوم حق ; والثاني معروف ، واليوم الثالث سمعة ورياء قال المنذري في تلخيصه : قال أبو القاسم البغوي : ولا أعلم لزهير بن عثمان غير هذا ، وقال أبو عمر النمري : في إسناده نظر . يقال إنه مرسل ، وليس له غيره ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث في تاريخه الكبير في ترجمة زهير بن عثمان ، وقال : ولا يصح إسناده ، ولا نعرف له صحبة ، وقال ابن عمر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=752080إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجب ولم يخص ثلاثة أيام ، ولا غيرها ، وهذا أصح ، وقال ابن سيرين عن أبيه لما بنى بأهله أولم سبعة أيام ، ودعا في ذلك أبي بن كعب فأجابه . انتهى ، قال الحافظ في الفتح ، وقد وجدنا لحديث زهير بن عثمان شواهد فذكرها ، ثم قال : وهذه الأحاديث ، وإن كان كل منها لا يخلو عن مقال فمجموعها يدل على أن للحديث أصلا . انتهى كلام الحافظ . قوله : ( حديث أنس حديث حسن صحيح ) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ومسلم . قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وزن نواة من ذهب وزن ثلاثة دراهم وثلث ) قال الحافظ : وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة عن قتادة عند [ ص: 185 ] nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : قومت ثلاثة دراهم وثلثا .
وإسناده ضعيف ، ولكن جزم به أحمد . انتهى . ( وقال إسحاق هو وزن خمسة دراهم ) قال الحافظ : واختلف في المراد بقوله نواة . فقيل المراد واحدة نوى التمر كما يوزن بنوى الخروب ، وإن القيمة عنها كانت يومئذ خمسة دراهم ، وقيل لفظ النواة من ذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق ، وجزم به nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، واختاره الأزهري ، ونقله عياض عن أكثر العلماء ، ويؤيده أن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق سعيد بن بشر عن قتادة : وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم . انتهى كلام الحافظ مختصرا ، وذكر فيه أقوالا أخرى .