[ ص: 567 ] ( باب ما جاء في القسامة ) بفتح القاف وتخفيف السين المهملة ، وهي مصدر أقسم ، والمراد بها الأيمان واشتقاق القسامة من القسم كالجماعة من الجمع ، وقد حكى إمام الحرمين أن القسامة عند الفقهاء اسم للأيمان وعند أهل اللغة اسم للحالفين ، وقد صرح بذلك في القاموس ، وقال في الضياء : إنها الأيمان ، وقال في المحكم إنها في اللغة : الجماعة ، ثم أطلقت على الأيمان قاله في النيل ، وقال القاري في المرقاة : وسبب القسامة وجود القتل في المحلة ، أو ما يقوم مقامها ، وركنها قولهم : بالله ما قتلناه ، ولا علمنا له قاتلا ، وشرطها أن يكون المقسم رجلا حرا عاقلا ، وقال مالك : يدخل النساء في قسامة الخطأ دون العمد ، وحكمها القضاء بوجوب الدية بعد الحلف سواء كانت الدعوى في القتل العمد ، أو الخطأ في شرح السنة صورة قتيل القسامة أن يوجد قتيل وادعى وليه على رجل ، أو على جماعة قتله ، وكان عليهم لوث ظاهر ، وهو ما يغلب على الظن صدق المدعي . كأن وجد في محلتهم ، وكان بين القتيل وبينهم عداوة . انتهى ما في المرقاة .
قوله : ( عن بشير ) بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة مصغرا الحارثي المدني ، ثقة فقيه من الثالثة ( قال قال يحيى وحسبت عن رافع بن خديج ) كذا في نسخ الترمذي والظاهر أن يكون وعن رافع بن خديج بالواو قبل عن وكذلك وقع عند مسلم ، قال الحافظ في الفتح وعند مسلم من رواية الليث عن يحيى عن بشير عن سهل قال يحيى : وحسبت أنه قال : nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج أنهما قالا : خرج عبد الله بن سهل إلخ ، وقال : وفي الأدب من رواية حماد بن زيد عن يحيى عن بشير عن سهل بن أبي حثمة nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج أنهما حدثاه أن عبد الله بن سهل إلخ ( أنهما ) أي : سهلا ورافعا ( ومحيصة ) بضم الميم وفتح الحاء المهملة ، وكسر التحتانية المشددة وفتح الصاد المهملة ( أقبل ) وفي بعض النسخ فأقبل ( وحويصة ) بضم الحاء المهملة وفتح الواو وتشديد الياء مصغرا ، وقد روي التخفيف فيه ، وفي محيصة ( قبل صاحبه ) وفي بعض النسخ قبل صاحبيه ، وهو [ ص: 568 ] الظاهر ( كبر الكبر ) الأول أمر من التكبير والثاني بضم الكاف وسكون الموحدة أي : قدم من هو أكبر منك وأسن بالكلام ; إرشاد إلى الأدب ( مقتل عبد الله بن سهل ) أي : قتله ( فقال لهم أتحلفون خمسين يمينا ) وفي رواية عند مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=754859يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته ( صاحبكم ، أو قاتلكم ) شك من الراوي ( قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا ) وفي رواية للشيخين : nindex.php?page=hadith&LINKID=754860فتبرئكم يهود في أيمان خمسين منهم . أي : يحلف خمسون من اليهود فتبرئكم من أن تحلفوا ( أعطى عقله ) بفتح العين المهملة وسكون القاف أي : ديته . زاد في بعض الروايات من عنده ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : nindex.php?page=hadith&LINKID=754861فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطل دمه فوداه مائة من إبل الصدقة ، قال الحافظ في الفتح : زعم بعضهم أنه غلط من سعيد بن عبيد لتصريح يحيى بن سعيد بقوله : من عنده وجمع بعضهم بين الروايتين باحتمال أن يكون اشتراها من إبل الصدقة بمال دفعه من عنده ، أو المراد بقوله من عنده أي : بيت المال المرصد للمصالح ، وأطلق عليه صدقة باعتبار الانتفاع به مجانا لما في ذلك من قطع المنازعة وإصلاح ذات البين ، وقد حمل بعضهم على ظاهره فحكى القاضي عياض عن بعض العلماء جواز صرف الزكاة للمصالح العامة واستدل بهذا الحديث ، وغيره ، قال الحافظ : وتقدم شيء من ذلك في كتاب الزكاة في الكلام على حديث أبي لاس قال nindex.php?page=hadith&LINKID=754862حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل من إبل الصدقة في الحج ، وعلى هذا فالمراد بالعندية كونها تحت أمره وحكمه . انتهى .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة . قوله : ( والعمل على هذا عند أهل العلم ) قال القاضي عياض : هذا الحديث أصل من أصول الشرع ، وقاعدة من قواعد الأحكام ، وركن من أركان مصالح العبد ، وبه أخذ كافة الأئمة والسلف من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة وفقهاء الأمصار من الحجازيين والشاميين والكوفيين ، وإن اختلفوا في صورة الأخذ به ، وروي التوقف عن الأخذ به عن طائفة فلم يروا القسامة ، ولا أثبتوا بها في الشرع حكما ، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة وأبي قلابة وسالم بن [ ص: 569 ] عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14429ومسلم بن خالد وإبراهيم بن علية وإليه ينحو nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وروي عن عمر بن عبد العزيز باختلاف عنه قال الحافظ : وهذا ينافي ما صدر به كلامه أن كافة الأئمة أخذوا بها ، وقد تقدم النقل عمن لم يقل بمشروعيتها في أول الباب . انتهى .
( وقد رأى بعض فقهاء المدينة القود بالقسامة إلخ ) اختلف القائلون بالقسامة فيما إذا كان القتل عمدا هل يجب القصاص بها أم لا ؟ فقال جماعة من العلماء : يجب ، وهو قول مالك ، وأحمد وإسحاق وقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم ، وقال الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أصح قوليه : لا يجب ، بل تجب الدية ، واختلفوا في من يحلف في القسامة فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور : يحلف الورثة ويجب الحق بحلفهم ، وقال أصحاب أبي حنيفة يستحلف خمسون من أهل المدينة ، ويتحراهم الولي يحلفون بالله : ما قتلناه ، وما علمنا قاتله . فإذا حلفوا قضى عليهم وعلى أهل المحلة وعلى عاقلتهم بالدية ، كذا في المرقاة نقلا عن النووي .