قوله ( أوفوا ) من الوفاء وهو القيام بمقتضى العهد ( بحلف الجاهلية ) أي العهود التي وقعت فيها مما لا يخالف الشرع لقوله تعالى : أوفوا بالعقود لكنه مقيد بما قال الله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ( فإنه ) أي الإسلام ( لا يزيده ) أي حلف الجاهلية [ ص: 174 ] الذي ليس بمخالف للإسلام ( إلا شدة ) أي شدة توثق فيلزمكم الوفاء به . قال القاري : فإن الإسلام أقوى من الحلف ، فمن استمسك بالعاصم القوي استغنى عن العاصم الضعيف ، قال في النهاية . أصل الحلف المعاقدة على التعاضد والتساعد والاتفاق ، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=800596لا حلف في الإسلام ، وما كان منه في الجاهلية على نصرة المظلوم وصلة الأرحام ونحوهما فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=800597أيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة ( ولا تحدثوا ) من الإحداث أي لا تبتدعوا ( حلفا في الإسلام ) قال المناوي : لا تحدثوا فيه محالفة بأن يرث بعضكم بعضا فإنه لا عبرة به انتهى . وقال القاري : أي لأنه كاف في وجوب التعاون قال الطيبي : التنكير فيه يحتمل وجهين أحدهما أن يكون للجنس أي لا تحدثوا حلفا ما والآخر أن يكون للنوع ، قال القاري : الظاهر هو الثاني ، ويؤيده قول المظهر يعني إن كنتم حلفتم في الجاهلية بأن يعين بعضكم بعضا ويرث بعضكم من بعض فإذا أسلمتم فأوفوا به فإن الإسلام يحرضكم على الوفاء به ، ولكن لا تحدثوا محالفة في الإسلام بأن يرث بعضكم من بعض انتهى .