يقال عق والده يعقه عقوقا : إذا آذاه وعصاه وخرج عليه ، وأصله من العق ؛ وهو الشق والقطع .
قوله : ( ألا أحدثكم بأكبر الكبائر ؟ ) الكبائر جمع الكبيرة وهي السيئة العظيمة التي خطيئتها في نفسها كبيرة ، وعقوبة فاعلها عظيمة بالنسبة إلى معصية ليست بكبيرة ، وقيل الكبيرة ما أوعد عليه الشارع بخصوصه ، وقيل ما عين له حد ، وقيل النسبة إضافية فقد يكون الذنب كبيرة بالنسبة لما دونه صغيرة بالنسبة إلى ما فوقه ، وقد يتفاوت باعتبار الأشخاص والأحوال ، وقد بسط الحافظ الكلام في تفسير الكبيرة والصغيرة وما يتعلق بهما في الفتح في باب عقوق الوالدين من الكبائر من كتاب الأدب ، والنووي في شرح مسلم في باب الكبائر وأكبرها من كتاب الإيمان .
( وعقوق الوالدين ) بضم العين المهملة مشتق من العق وهو القطع والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد ، وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباحات فعلا وتركا ، واستحبابها في المندوبات وفروض الكفاية كذلك ، ومنه تقديمهما عند تعارض الأمرين ، وهو كمن دعته أمه ليمرضها مثلا بحيث يفوت عليه فعل واجب إن استمر عندها ويفوت ما قصدته من تأنيسه لها وغير ذلك أن لو تركها [ ص: 24 ] وفعله وكان مما يمكن تداركه مع فوات الفضيلة كالصلاة أول الوقت أو في الجماعة ( قال وجلس ) أي للاهتمام بهذا الأمر وهو يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه ( وكان متكئا ) جملة حالية ، وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعا على الناس ، والتهاون بها أكثر ، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم ، والعقوق يصرف عنه الطبع ، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة كالعداوة والحسد وغيرهما فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه ، وليس ذلك لعظمهما بالنسبة إلى ما ذكر معها من الإشراك قطعا ، بل لكون مفسدة الزور متعدية إلى غير الشاهد بخلاف الشرك فإن مفسدته قاصرة غالبا ، وهذا الحديث يأتي أيضا بسنده ومتنه في الشهادات .