قوله : ( سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ) أي شيئا ( فأعطاهم ) أي إياه ( ثم سألوا فأعطاهم ) زاد في رواية الشيخين حتى نفذ ما عنده فقال : ( ما يكون عندي من خير ) أي مال ، ومن بيان لما وما خبرية متضمنة للشرط أي كل شيء من المال موجود عندي أعطيكم ( فلن أدخره عنكم ) أي أحبسه وأخبؤه وأمنعكم إياه منفردا به عنكم ( ومن يستغن ) أي يظهر الغنى بالاستغناء عن أموال الناس والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنيا من التعفف ( يغنه الله ) أي يجعله غنيا أي بالقلب ففي الحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=876915ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس ، أو يعطيه ما يغنيه عن الخلق ( ومن يستعفف ) قال الجزري في النهاية : الاستعفاف طلب العفاف والتعفف وهو الكف عن الحرام والسؤال من الناس ، أي من طلب العفة وتكلفها أعطاه الله إياها ، وقيل : الاستعفاف الصبر والنزاهة عن الشيء يقال عف يعف عفة فهو عفيف انتهى .
( يعفه الله ) : أي يجعله عفيفا من الإعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي يعني من قنع بأدنى قوت وترك السؤال تسهل عليه القناعة وهي كنز لا يفنى ، وقال في المجمع : يعفه من الإعفاف وبفتح فاء مشددة وضمه بعض إتباعا بضم الهاء انتهى ، ( ومن يتصبر ) أي يطلب توفيق الصبر من الله لأنه قال تعالى : واصبر وما صبرك إلا بالله ، أو يأمر نفسه بالصبر ويتكلف في التحمل عن مشاقه وهو تعميم بعد تخصيص ; لأن الصبر يشتمل على صبر الطاعة والمعصية والبلية ، أو من يتصبر عن السؤال والتطلع إلى ما في أيدي الناس بأن يتجرع مرارة ذلك ولا يشكو حاله لغير ربه ( يصبره الله ) بالتشديد : أي [ ص: 144 ] يسهل عليه الصبر فتكون الجمل مؤكدات ، ويؤيد إرادة معنى العموم قوله ( وما أعطي أحد شيئا هو خير ) : أي أفضل ( وأوسع من الصبر ) قال القاري : وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات ولذا قدم على الصلاة في قوله تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة ، ومعنى كونه أوسع أنه تتسع به المعارف والمشاهد والأعمال والمقاصد انتهى .
قوله : ( في الباب عن أنس ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم كذا في الترغيب ، قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الزكاة وفي الرقائق ومسلم وأبو داود في الزكاة nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في الزكاة وفي الرقائق ، قوله : ( ويروى ) بصيغة المجهول وفي بعض النسخ وقد روي ( فلن أدخره عنكم ) وفي بعض النسخ بالذال المعجمة .