( باب ما جاء أن العين حق ) أي الإصابة بالعين شيء ثابت موجود ، أو هو من جملة ما تحقق كونه ، قال المازري : أخذ الجمهور بظاهر الحديث وأنكره طوائف المبتدعة لغير معنى لأن كل شيء ليس محالا في نفسه ، ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل ، فهو من متجاوزات العقول ، فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى ، وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به من أمور الآخرة .
قوله : ( nindex.php?page=showalam&ids=14923أبو حفص عمرو بن علي ) هو الفلاس الصيرفي الباهلي البصري .
( أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير ) بن درهم ( أبو غسان العنبري ) مولاهم البصري ، ثقة من التاسعة ، ووقع في النسخة الأحمدية ، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17330أبو غسان العنبري بزيادة لفظ " نا " بين أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير nindex.php?page=showalam&ids=17330وأبو غسان العنبري وهو غلط ، ( أخبرنا علي بن المبارك ) هو الهنائي ( عن يحيى بن كثير ) هو الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي ( حدثني حية بن حابس ) بمهملتين ، وقبل السين موحدة التميمي مقبول من الثالثة ، ووهم من زعم أن له صحبة كذا في التقريب .
( حدثني أبي ) أي حابس التميمي ، قال في تهذيب التهذيب في ترجمته : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه ابنه حية حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=752283لا شيء في الهام ، صرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وتبعه أبو حاتم ، وذكره البغوي في الصحابة وقال : لا أعلم [ ص: 186 ] له غير هذا الحديث انتهى .
قوله : ( لا شيء في الهام ) أي لا شيء مما يعتقدون في الهام ، قال النووي : الهامة هي بتخفيف الميم على المشهور الذي لم يذكر الجمهور غيره ، وقيل بتشديدها ، قاله جماعة وحكاه القاضي عن أبي زيد الأنصاري الإمام في اللغة ، قال : وفيها تأويلان أحدهما أن العرب كانت تتشاءم بها وهي الطائر المعروف من طير الليل ، وقيل هي البومة ، قالوا كانت إذا سقطت على دار أحدهم فرآها ناعية له نفسه أو بعض أهله ، وهذا تفسير مالك بن أنس ، والثاني أن العرب كانت تعتقد أن عظام الميت وقيل روحه ، ينقلب هامة تطير ، وهذا تفسير أكثر العلماء وهو المشهور ، ويجوز أن يكون المراد النوعين فإنهما جميعا باطلان ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم إبطال ذلك وضلالة الجاهلية فيما يعتقده من ذلك .
( والعين ) أي أثرها ( حق ) لا بمعنى أن لها تأثيرا بل بمعنى أنها سبب عادي كسائر الأسباب العادية بخلق الله تعالى عند نظر العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هلكة ، قال المازري : وقد زعم بعض الطبائعيين المثبتين للعين أن العائن تنبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد ، قالوا ولا يمتنع هذا كما لا يمتنع انبعاث قوة سمية من الأفعى والعقرب تتصل باللديغ فيهلك وإن كان غير محسوس لنا ، فكذا العين ، قال : وهذا غير مسلم لأنا بينا في كتب علم الكلام أن لا فاعل إلا الله تعالى ، وبينا فساد القول بالطبائع ، وبينا أن المحدث لا يفعل في غيره شيئا ، وإذا تقرر هذا بطل ما قالوه ، ثم تقول هذا المنبعث من العين إما جوهر وإما عرض فباطل أن يكون عرضا لأنه لا يقبل الانتقال ، وباطل أن يكون جوهرا لأن الجواهر متجانسة فليس بعضها بأن يكون مفسدا لبعضها بأولى من عكسه ، فبطل ما قالوه ، قال وأقرب طريقة قالها من ينتحل الإسلام ، منهم أن قالوا لا يبعد أن تنبعث جواهر لطيفة غير مرئية من العين فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه فيخلق الله سبحانه وتعالى الهلاك عندها كما يخلق الهلاك عند شرب السم ، عادة أجراها الله تعالى وليست ضرورة ولا طبيعة ألجأ العقل إليها .
ومذهب أهل السنة أن العين إنما تفسد وتهلك عند نظر العائن بفعل الله تعالى أجرى الله سبحانه وتعالى العادة أن يخلق الضرر عند مقابلة هذا الشخص لشخص آخر ، وهل ثم جواهر خفية أم لا ؟ هذا من مجوزات العقول لا يقطع فيه بواحد من الأمرين وإنما يقطع بنفي الفعل عنها وبإضافته إلى الله تعالى ، فمن قطع من أطباء الإسلام بانبعاث الجواهر فقد أخطأ في قطعه ، وإنما هو من الجائزات .