قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن إياس ) كنيته أبو بشر بن أبي وحشية ، بفتح الواو وسكون المهملة وكسر المعجمة وتثقيل التحتانية ، ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير ، وضعفه شعبة في حبيب بن سالم ، وفي مجاهد : من الخامسة ( عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ) هو العبدي .
قوله : ( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فنزلنا بقوم ) وفي رواية عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بعث سرية عليها أبو سعيد ، وفي رواية الأعمش عند غير الترمذي : nindex.php?page=hadith&LINKID=876967بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين رجلا فنزلنا بقوم ليلا ، فأفادت عدد السرية ووقت النزول ، كما أفادت رواية nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني تعيين أمير السرية ( فسألناهم القرى ) بكسر القاف مقصورا الضيافة ( فلم يقرونا ) أي فلم يضيفونا ، قال في القاموس : قرى الضيف قرى بالكسر والفتح والمد أضافه كاقتراه ( فلدغ سيدهم ) بضم اللام على البناء للمفعول ، واللدغ بالدال المهملة والغين المعجمة ، وهو اللسع وزنا ومعنى ، وأما اللذع بالذال المعجمة والعين المهملة فهو الإحراق الخفيف ، واللدغ المذكور في الحديث هو ضرب ذات [ ص: 190 ] الحمة من حية أو عقرب وغيرهما ، وأكثر ما يستعمل في العقرب ، وقد أفادت رواية الترمذي هذه تعيين العقرب .
فإن قلت : عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من رواية هشيم أنه مصاب في عقله أو لديغ .
قلت : هذا شك من هشيم ، ورواه الباقون أنه لديغ ولم يشكوا ، خصوصا تصريح الأعمش بالعقرب .
( فقرأت عليه الحمد سبع مرات ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين ، قال الحافظ : يتفل بضم الفاء وبكسرها وهو نفخ معه قليل بزاق ، قال ابن أبي حمزة محل التفل في الرقية يكون بعد القراءة لتحصيل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق فتحصل البركة في الريق الذي يتفله ( فبرأ ) ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : فكأنما نشط من عقال ، فانطلق يمشي وما به قلبة ( وما علمت أنها رقية ) : أي كيف علمت ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وما يدريك أنها رقية ( واضربوا لي معكم بسهم ) أي اجعلوا لي منه نصيبا ، وكأنه أراد المبالغة في تأنيسهم كما وقع له في قصة الحمار الوحشي وغير ذلك ، وفي الحديث جواز الرقية بشيء [ ص: 191 ] من كتاب الله تعالى ، ويلحق به ما كان من الدعوات المأثورة ، أو مما يشابهها ، ولا يجوز بألفاظ مما لا يعلم معناها ، من الألفاظ الغير العربية .
قال ابن القيم : إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع ، فما الظن بكلام رب العالمين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها لتضمنها جميع معاني الكتاب ، فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله ومجامعها ، وإثبات المعاد وذكر التوحيد ، والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة به والهداية منه ، وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهي عنه والاستقامة عليه ، ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته وخال لعدم معرفته له ، مع ما تضمنه من إثبات القدر والشرع والأسماء والصفات والمعاد والتوبة ، وتزكية النفس وإصلاح القلب ، والرد على جميع أهل البدع ، وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من كل داء ، انتهى ملخصا .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ( ورخص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي للمعلم أن يأخذ على تعليم القرآن أجرا ) ، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وآخرون من السلف ومن بعدهم ، ومنعه أبو حنيفة وأجازه في الرقية ، قاله النووي في شرح مسلم ، وقال الحافظ : قد نقل عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة إلا الحنفية انتهى .
قلت : وقد أجاز المتأخرون من الحنفية أيضا أخذ الأجرة على تعليم القرآن ( ويرى ) أي يعتقد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( له ) أي يجوز للمعلم ( أن يشترط ) أي أخذ الأجرة ( على ذلك ) أي على تعلم القرآن وقوله : ( واحتج بهذا الحديث ) الاحتجاج بهذا الحديث على جواز أخذ الأجرة على الرقية واضح ، وأما الاحتجاج به على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن فاعترض عليه القرطبي حيث قال : لا نسلم أن جواز أخذ الأجر في الرقى يدل على جواز التعليم بالأجر انتهى ، لم يذكر القرطبي سند المنع ولا يظهر وجه صحيح لعدم التسليم والله تعالى أعلم ، وقد استدل الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=876970اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن ، وفي حديث سهل بن سعد رواه الشيخان وهذا لفظ [ ص: 192 ] nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وفي رواية لمسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=752287اذهب فقد زوجتكها فعلمها من القرآن .
واستدل الجمهور أيضا بحديث ابن عباس : nindex.php?page=hadith&LINKID=752288إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قال الحافظ : استدل به الجمهور في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، وخالف الحنفية فمنعوه في التعليم وأجازوه في الرقى كالدواء ، قالوا لأن تعليم القرآن عبادة والأجر فيه على الله وهو القياس في الرقى ، إلا أنهم أجازوه فيها لهذا الخبر ، وحمل بعضهم الأجر في هذا الحديث على الثواب ، وسياق القصة التي في الحديث يأبى هذا التأويل ، وادعى بعضهم نسخه بالأحاديث الواردة في الوعيد على أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، وقد رواها أبو داود وغيره ، وتعقب بأنه إثبات للنسخ بالاحتمال وهو مردود وبأن الأحاديث ليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق ، بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل ، لتوافق الأحاديث الصحيحة كحديثي الباب ، يعني حديث ابن عباس المتقدم آنفا ، وحديث أبي سعيد المذكور في هذا الباب ، وبأن الأحاديث المذكورة أيضا ليس فيها ما تقوم به الحجة فلا تعارض الأحاديث الصحيحة انتهى كلام الحافظ .
وقال الشوكاني في النيل : استدل الجمهور بحديث ابن عباس على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، وأجيب عن ذلك بأن المراد بالأجر هنا الثواب ، ويرد بأن سياق القصة يأبى ذلك ، وادعى بعضهم نسخه بالأحاديث السابقة ، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال وبأن الأحاديث القاضية بالمنع وقائع أعيان محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة كحديثي الباب وبأنها مما لا تقوم به ا لحجة فلا تقوى على معارضة ما في الصحيح ، وقد عرفت مما سلف أنها تنتهض للاحتجاج بها على المطلوب والجمع ممكن إما بحمل الأجر المذكور هنا على الثواب كما سلف وفيه ما تقدم ، أو المراد أخذ الأجر على الرقية فقط كما يشعر به السياق فيكون مخصصا للأحاديث القاضية بالمنع ، أو يحمل الأجر هنا على عمومه فيشمل الأجر على الرقية والتلاوة والتعليم ، ويخص أخذها على التعليم بالأحاديث المتقدمة ويجوز ما عداه ، وهذا أظهر وجوه الجمع فينبغي المصير إليه انتهى .
قلت : الروايات التي تدل على منع أخذ الأجرة على تعليم القرآن ضعاف لا تصلح للاحتجاج ، ولو سلم أنها بمجموعها تنتهض للاحتجاج ، فالأحاديث التي تدل على الجواز أصح [ ص: 193 ] منها وأقوى ، ثم إن هذه الروايات وقائع أحوال محتملة للتأويل ، كما قال الحافظ ، فلا حاجة إلى ما ذكره الشوكاني من وجوه الجمع ، هذا ما عندي والله تعالى أعلم .