[ ص: 279 ] ( أبواب القدر إلخ ) القدر : بفتح القاف والدال المهملة عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور ، وهو مصدر قدر يقدر قدرا وقد تسكن داله .
( باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر ) قال في شرح السنة : الإيمان بالقدر فرض لازم وهو أن يعتقد أن الله تعالى خالق أعمال العباد خيرها وشرها وكتبها في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم ، والكل بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته ، غير أنه يرضى الإيمان والطاعة ووعد عليهما الثواب ولا يرضى الكفر والمعصية وأوعد عليهما العقاب ، والقدر سر من أسرار الله تعالى لم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ، ولا يجوز الخوض فيه والبحث عنه بطريق العقل ، بل يجب أن يعتقد أن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم فرقتين فرقة خلقهم للنعيم فضلا وفرقة للجحيم عدلا ، وسأل رجل nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أخبرني عن القدر ، قال : طريق مظلم لا تسلكه ، وأعاد السؤال فقال : بحر عميق لا تلجه ، وأعاد السؤال فقال : سر الله قد خفي عليك فلا تفتشه ، ولله در من قال :
تبارك من أجرى الأمور بحكمه كما شاء لا ظلما ولا هضما
فما لك شيء غير ما الله شاءه فإن شئت طب نفسا وإن شئت مت كظما
[ ص: 280 ] قوله : ( ونحن نتنازع ) أي حال كوننا نتباحث ( في القدر ) أي في شأنه فيقول بعضنا : إذا كان الكل بالقدر فلم الثواب والعقاب كما قالت المعتزلة ، والآخر يقول : فما الحكمة في تقدير بعض للجنة وبعض للنار ، فيقول الآخر : لأن لهم فيه نوع اختيار كسبي .
فيقول الآخر من أوجد ذلك الاختيار والكسب وأقدرهم عليه وما أشبه ذلك ( فغضب حتى احمر وجهه ) أي نهاية الاحمرار ( حتى ) أي حتى صار من شدة حمرته ( كأنما فقئ ) بصيغة المجهول أي شق أو عصر ( في وجنتيه ) أي خديه ( الرمان ) أي حبه ، فهو كناية عن مزيد حمرة وجهه المنبئة عن مزيد غضبه ، وإنما غضب لأن القدر سر من أسرار الله تعالى وطلب سره منهي ، ولأن من يبحث فيه لا يأمن من أن يصير قدريا أو جبريا ، والعباد مأمورون بقبول ما أمرهم الشرع من غير أن يطلبوا سر ما لا يجوز طلب سره .
( أبهذا ) أي بالتنازل في القدر ، وهمزة الاستفهام للإنكار وتقديم المجرور لمزيد الاهتمام ( أم بهذا أرسلت إليكم ) أم منقطعة بمعنى بل والهمزة وهي للإنكار أيضا ترقيا من الأهون إلى الأغلظ وإنكارا غب إنكار قالهالقاري ( إنما هلك من كان قبلكم ) أي من الأمم جملة مستأنفة جوابا عما اتجه لهم أن يقولوا لم تنكر هذا الإنكار البليغ ( حين تنازعوا في هذا الأمر ) هذا يدل على أن غضب الله وإهلاكهم كان من غير إمهال ففيه زيادة وعيد ( عزمت ) أي أقسمت أو أوجبت ( عليكم ) قيل أصله عزمت بإلقاء اليمين وإلزامها عليكم ( ألا تنازعوا ) بحذف إحدى التاءين ( فيه ) أي في القدر لا تبحثوا فيه بعد هذا ، قال ابن الملك : إن هذه يمنع كونها مصدرية وزائدة لأن جواب القسم لا يكون إلا جملة وأن لا تزاد مع لا فهي إذا مفسرة ، كأقسمت أن لا ضربت ، وتنازعوا جزم بلا الناهية ، ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة لأنها مع اسمها وخبرها سدت مسد الجملة ، كذا قاله زين العرب .
قوله : ( وفي الباب عن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وأنس ) أما حديث عمر فأخرجه أبو داود بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=751770لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم ، وكذا أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وأما حديث عائشة فأخرجه ابن ماجه ، وأما حديث أنس فأخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
[ ص: 281 ] قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) في سنده nindex.php?page=showalam&ids=16205صالح بن بشير بن وادع المري أبو بشر البصري وهو ضعيف ، وقال الذهبي : ضعفوه ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة فيها سوى الترمذي وروى ابن ماجه نحوه عن ابن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ويؤيده حديث ابن مسعود مرفوعا عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد حسن بلفظ : إذا ذكر القدر فأمسكوا ، ويؤيده أيضا حديث ثوبان عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=877048اجتمع أربعون من الصحابة ينظرون في القدر ، الحديث .
وفي الباب عن ابن عباس عند ابن جرير بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=754776خرج النبي صلى الله عليه وسلم فسمع أناسا من أصحابه يذكرون القدر ، الحديث ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء وواثلة وأبي أمامة وأنس عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير ( nindex.php?page=showalam&ids=16205وصالح المري له غرائب يتفرد بها ) قال في التقريب : nindex.php?page=showalam&ids=16205صالح بن بشير بن وادع المري بضم الميم وتشديد الراء ، أبو البشر البصري القاص الزاهد ، ضعيف من السابعة .