قوله : ( أن عقبة بن مسلم ) التجيبي المصري القاص إمام المسجد العتيق بمصر ثقة من الرابعة ( أن شفيا الأصبحي ) قال في التقريب شفي -بالفاء مصغرا- ابن ماتع بمثناة الأصبحي ثقة من الثالثة أرسل حديثا فذكره بعضهم في الصحابة خطأ . مات في خلافة هشام قاله خليفة ، انتهى .
قوله : ( أنه ) أي شفيا ( فلما سكت ) أي عن التحديث ( وخلا ) أي بقي منفردا ( وأسالك بحق وبحق ) التكرار للتأكيد والباء زائدة . والمعنى أسألك حقا غير باطل ( لما حدثتني حديثا ) كلمة لما هاهنا بمعنى ألا . قال في القاموس : ولما يكون بمعنى حين و " لم " الجازمة وألا ، وإنكار الجوهري كونه بمعنى ألا غير جيد . يقال : سألتك لما فعلت أي ألا فعلت ومنه . إن كل نفس لما عليها حافظ وإن كل لما جميع لدينا محضرون انتهى ( ثم نشغ ) بفتح النون والشين المعجمة بعدها غين معجمة أي شهق حتى كاد يغشى عليه أسفا أو خوفا قاله المنذري . وقال الجزري في النهاية : النشغ في الأصل الشهيق حتى يكاد يبلغ به الغشي وإنما يفعل الإنسان ذلك تشوقا إلى [ ص: 47 ] شيء فائت وأسفا عليه ، ومنه حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فنشغ نشغة أي شهق وغشي عليه انتهى ( مال خارا ) من الخرور أي ساقطا ( فأسندته ) . قال في الصراح : إسناد " تكية دادن جيزي رايجيزي " ( وكل أمة جاثية ) قال في القاموس : جثا كدعا ورمى جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه انتهى ( يدعو ) أي الله تعالى ( به ) الضمير راجع إلى من ( رجل جمع القرآن ) أي حفظه ( قتل ) بصيغة المجهول ( فماذا عملت ) من العمل ( فيما علمت ) من العلم ( كنت أقوم به ) أي بالقرآن ( آناء الليل وآناء النهار ) أي ساعاتهما . قال الأخفش : واحدها إنى مثل معى ، وقيل واحدها إني وإنو ، يقال مضى من الليل إنوان وإنيان ( فقد قيل ذلك ) أي ذلك القول فحصل مقصودك وغرضك ( ألم أوسع عليك ) أي ألم أكثر مالك ( حتى لم أدعك ) أي لم أتركك من ودع يدع ( جواد ) أي سخي كريم ( جريء ) فعيل من الجرأة فهو مهموز ، وقد يدغم أي شجاع ( تسعر ) من التسعير أي توقد . والحديث دليل على تغليظ [ ص: 48 ] تحريم الرياء وشدة عقوبته وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال كما قال تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد وإنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا ، وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصا ( وحدثني العلاء بن أبي حكيم ) قال في التقريب : العلاء بن أبي حكيم يحيى الشامي سياف معاوية ثقة من الرابعة ( قد فعل بهؤلاء ) أي القارئ والشهيد والجواد المذكورين في الحديث ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ) يعني بعمله الذي يعمله من أعمال البر . نزلت في كل من عمل عملا يبتغي به غير الله -عز وجل- ( نوف إليهم أعمالهم فيها ) يعني أجور أعمالهم التي عملوها لطلب الدنيا ، وذلك أن الله سبحانه وتعالى يوسع عليهم الرزق ويدفع عنهم المكاره في الدنيا ونحو ذلك ( وهم فيها لا يبخسون ) أي لا ينقصون من أجور أعمالهم التي عملوها لطلب الدنيا بل يعطون أجور أعمالهم كاملة موفورة ( أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها ) أي وبطل ما عملوا في الدنيا من أعمال البر ( وباطل ما كانوا يعملون ) لأنه لغير الله .
واختلف المفسرون في المعني بهذه الآية فروى قتادة عن أنس أنها في اليهود والنصارى وعن الحسن مثله . وقال الضحاك : من عمل عملا صالحا في غير تقوى يعني من أهل الشرك أعطي على ذلك أجرا في الدنيا وهو أن يصل رحما أو يعطي سائلا أو يرحم مضطرا أو نحو هذا من أعمال البر فيعجل الله له ثواب عمله في الدنيا يوسع عليه في المعيشة والرزق ويقر عينه فيما حوله ، ويدفع عنه المكاره في الدنيا وليس له في الآخرة نصيب . ويدل على صحة هذا القول سياق الآية وهو قوله : ( أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار ) الآية . وهذه حالة الكافر في الآخرة . وقيل نزلت في المنافقين الذين كانوا يطلبون بغزوهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغنائم لأنهم كانوا لا يرجون ثواب [ ص: 49 ] الآخرة .
وقيل : إن حمل الآية على العموم أولى فيندرج الكافر والمنافق الذي هذه صفته والمؤمن الذي يأتي بالطاعات وأعمال البر على وجه الرياء والسمعة . قال مجاهد في هذه الآية : هم أهل الرياء وهذا القول مشكل لأن قوله سبحانه وتعالى : ( أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار لا يليق بحال المؤمن إلا إذا قلنا إن تلك الأعمال الفاسدة والأفعال الباطلة لما كانت لغير الله استحق فاعلها الوعيد الشديد وهو عذاب النار ، كذا في تفسير الخازن .
قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في صحيحه .