( باب ما جاء في كراهية المدحة والمداحين ) قال في القاموس : مدحه كمنعه مدحا ومدحة : أحسن الثناء عليه ، كمدحه وامتدحه ، والمديح والمدحة والأمدوحة ما يمدح به ، انتهى .

قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=754909أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نحثو في وجوه المداحين التراب ) قيل : يؤخذ التراب ويرمى به في وجه المداح عملا بظاهر الحديث ، وقيل : معناه الأمر بدفع المال إليهم إذ المال حقير كالتراب بالنسبة إلى العرض في كل باب ، أي أعطوهم إياه واقطعوا به ألسنتهم لئلا يهجوكم وقيل معناه أعطوهم عطاء قليلا فشبه لقلته بالتراب . وقيل المراد منه أن يخيب المادح ولا يعطيه شيئا لمدحه والمراد زجر المادح والحث على منعه من المدح ؛ لأنه يجعل الشخص مغرورا ومتكبرا . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح . فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن ، والأمر المحمود يكون منه ترغيبا له في أمثاله وتحريضا للناس على الاقتداء على أشباهه فليس بمداح . وفي شرح الستة : قد استعمل المقداد الحديث على ظاهره في تناول عين التراب وحثه في وجه المادح وقد يتأول على أن يكون معناه الخيبة والحرمان أي من تعرض لكم بالثناء والمدح فلا تعطوه واحرموه ، كنى بالتراب عن الحرمان كقولهم : ما في يده غير التراب وكقوله -صلى الله عليه وسلم- : nindex.php?page=hadith&LINKID=754910إذا جاءك يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا .

قلت : الأولى أن يحمل الحديث على ظاهره كما حمله عليه رواية المقداد بن الأسود ، وإلا فالأولى أن يتأول على أن يكون معناه الخيبة والحرمان ، وأما ما سواه من التأويل ففيه بعد كما لا يخفى والله أعلم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : في المدح ست آفات أربع على المادح واثنتان على الممدوح ، أما [ ص: 63 ] المادح فقد يفرط فيه فيذكره بما ليس فيه فيكون كذابا ، وقد يظهر فيه من الحب ما لا يعتقده فيكون منافقا ، وقد يقول له ما لا يتحققه فيكون مجازفا ، وقد يفرح الممدوح به وربما كان ظالما فيعصى بإدخال السرور عليه ، وأما الممدوح فيحدث فيه كبرا وإعجابا وقد يفرح فيفسد العمل .

قوله : ( وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) أخرجه الترمذي في هذا الباب .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في الأدب المفرد ، وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه كذا في المرقاة .

قوله : ( وحديث مجاهد عن أبي معمر أصح ) لأن حبيب بن أبي ثابت الذي رواه عن مجاهد ثقة فقيه جليل . وأما nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد الذي رواه عن مجاهد عن ابن عباس فهو ضعيف ، كبر فتغير وصار يتلقن .