باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع إلا في أول مرة
257 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن عاصم بن كليب عن nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة قال قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=662608ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فلم يرفع يديه إلا في أول مرة قال وفي الباب عن البراء بن عازب قال أبو عيسى حديث ابن مسعود حديث حسن وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري وأهل الكوفة
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ) هو ابن الجراح ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ) هو الثوري ( عن عاصم بن كليب ) قال الحافظ في مقدمة فتح الباري : عاصم بن كليب الجرمي وثقه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وقال ابن المديني : لا يحتج بما يفرد به .
قوله : ( وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ) قال nindex.php?page=hadith&LINKID=750665رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لم يعد . أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وهو من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه . واتفق الحفاظ على أن قوله : " ثم لم يعد " مدرج في الخبر من قول nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد ، ورواه عنه بدونها شعبة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وخالد الطحان ، وزهير وغيرهم من الحفاظ . وقاله nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي : إنما روى هذه الزيادة يزيد ، ويزيد يزيد . وقال عثمان الدارمي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : لا يصح ، وكذا ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وأحمد ويحيى والدارمي nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي وغير واحد ، وقال يحيى بن محمد بن يحيى : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يقول : هذا حديث واه ، قد كان يزيد يحدث به برهة من دهره لا يقول فيه " ثم لا يعود " فما لقنوه تلقن فكان يذكرها ، كذا قال الحافظ في التلخيص ص 83 ، وذكر فيه أن nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني روى من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد هذا الحديث . قال nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم : فقدمت الكوفة فلقيت nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد فحدثني به ، وليس فيه " ثم لا يعود " فقلت له : إن nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى حدثني عنك وفيه " ثم لا يعود " قال لا أحفظ هذا ، انتهى .
قوله : ( حديث ابن مسعود حديث حسن ) وأخرجه أحمد وأبو داود ، وقد حسن الترمذي هذا الحديث وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وقد ضعفه ابن المبارك وقال : لم يثبت حديث أبي مسعود كما ذكره الترمذي ، وقال أبو داود في سننه ص 272 بعد رواية هذا الحديث : هذا حديث مختصر من حديث طويل ، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ، انتهى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في جزء رفع اليدين بعد ذكر هذا الحديث : قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم قال : نظرت في حديث عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب ، ليس فيه " ثم لم يعد " فهذا أصح لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم ; لأن الرجل يحدث بشيء ثم يرجع إلى الكتاب فيكون كما في الكتاب . حدثنا الحسن بن الربيع ، ثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب ، عن عبد الرحمن الأسود ، ثنا علقمة nindex.php?page=hadith&LINKID=750666أن عبد الله قال علمنا [ ص: 93 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فقام فكبر ورفع يديه ، ثم ركع وطبق يديه فجعلهما بين ركبتيه ، فبلغ ذلك سعدا فقال : صدق أخي ألا بل قد نفعل ذلك في أول الإسلام ثم أمرنا بهذا . قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وهذا هو المحفوظ عند أهل النظر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، انتهى كلام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وقال الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد : وأما حديث ابن مسعود " nindex.php?page=hadith&LINKID=750667ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة " فإن أبا داود قال : هذا حديث مختصر من حديث طويل وليس بصحيح على هذا المعنى . وقال البزار فيه أيضا : إنه لا يثبت ولا يحتج بمثله . وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه المذكور في هذا الباب فحديث مدني صحيح لا مطعن لأحد فيه . وقد روى نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أزيد من اثني عشر صحابيا ، انتهى كلام nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر .
وقال الحافظ الزيلعي في نصب الراية : قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل : سألت أبي عن حديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله " أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فكبر فرفع يديه ثم لم يعد " فقال أبي : هذا خطأ يقال وهم فيه الثوري ، فقد رواه جماعة عن عاصم ، وقالوا كلهم " nindex.php?page=hadith&LINKID=873889إن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح فرفع يديه ثم ركع فطبق وجعلهما بين ركبتيه " ولم يقل أحد ما روى الثوري ، انتهى ما في نصب الراية .
وقال الحافظ في التلخيص : وهذا الحديث حسنه الترمذي ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، وقال ابن المبارك : لم يثبت عندي . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه هذا حديث خطأ . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وشيخه nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم : هو ضعيف . نقله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنهما وتابعهما على ذلك . وقال أبو داود : ليس هو بصحيح . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : لم يثبت ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الصلاة هذا أحسن خبر روي لأهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه ، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه ; لأن له عللا تبطله ، انتهى .
فثبت بهذا كله أن حديث ابن مسعود ليس بصحيح ولا بحسن ، بل هو ضعيف لا يقوم بمثله حجة . وأما تحسين الترمذي فلا اعتماد عليه لما فيه من التساهل . وأما تصحيح nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فالظاهر أنه من جهة السند ، ومن المعلوم أن صحة السند لا تستلزم صحة المتن ، على أن تصحيح nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم لا اعتماد عليه أيضا في جنب تضعيف هؤلاء الحفاظ النقاد ، فالاستدلال بهذا الحديث الضعيف على ترك رفع اليدين ونسخه في غير الافتتاح ليس بصحيح ، ولو تنزلنا وسلمنا أن حديث ابن مسعود هذا صحيح أو حسن ، فالظاهر أن ابن مسعود قد نسيه كما قد نسي أمورا كثيرة . قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية نقلا عن صاحب التنقيح : ليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب ، قد نسي ابن [ ص: 94 ] مسعود من القرآن ما لم يختلف المسلمون فيه بعد ، وهي المعوذتان ، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه كالتطبيق ، ونسي كيف قيام الاثنين خلف الإمام . ونسي ما لم يختلف العلماء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها ، ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ، ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود ونسي كيف كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وما خلق الذكر والأنثى وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة كيف لا يجوز مثله في رفع اليدين ، انتهى .
ولو سلم أن ابن مسعود لم ينس في ذلك فأحاديث رفع اليدين في المواضع الثلاثة مقدمة على حديث ابن مسعود ; لأنها قد جاءت عن عدد كثير من الصحابة رضي الله عنهم ، حتى قال السيوطي : إن حديث الرفع متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عرفت فيما قبل ، وقال العيني في شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : إن من جملة أسباب الترجيح كثرة عدد الرواة وشهرة المروي ، حتى إذا كان أحد الخبرين يرويه واحد والآخر يرويه اثنان فالذي يرويه اثنان أولى بالعمل به ، انتهى . وقال الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=14065الحازمي في كتاب الاعتبار : ومما يرجح به أحد الحديثين على الآخر كثرة العدد في أحد الجانبين ، وهي مؤثرة في باب الرواية ، لأنها تقرب مما يوجب العلم وهو التواتر ، انتهى .
ثم حديث ابن مسعود لا يدل على نسخ رفع اليدين في غير الافتتاح ، بل إنما يدل على عدم وجوبه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في الكلام على حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب المذكور فيما تقدم ما لفظه : إن صح دل على أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز ، فلا تعارض بينه وبين حديث ابن عمر وغيره ، انتهى . قلت : هذا كله على تقدير التنزل ، وإلا فحديث ابن مسعود ضعيف لا يقوم به حجة كما عرفت .
قوله : ( وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) روي ذلك عن عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ويأتي الكلام على آثار هؤلاء رضي الله عنهم ( وهو قول سفيان وأهل الكوفة ) وهو قول أبي حنيفة ، قال الحنفية : إنه منسوخ بحديث ابن مسعود والبراء وقد عرفنا أنهما ضعيفان لا يقوم بهما الحجة ، استدلوا أيضا بأثر عمر رضي الله عنه رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة عن الأسود قال : رأيت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود .
قلت : فيه أن هذا الأثر بهذا اللفظ غير محفوظ ، قال الحافظ ابن حجر في الدراية : قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن [ ص: 95 ] nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : رواه الحسن بن عياش عن عبد الملك بن أبجر عن nindex.php?page=showalam&ids=14414الزبير بن عدي بلفظ : " كان يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود " وقد رواه الثوري عن nindex.php?page=showalam&ids=14414الزبير بن عدي بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=873891كان يرفع يديه في التكبير " ليس فيه " ثم لا يعود " وقد رواه الثوري وهو المحفوظ ، انتهى .
ثم هذا الأثر يعارضه رواية طاوس عن ابن عمر : أن عمر كان يرفع يديه في الركوع وعند الرفع منه . قال الزيلعي في نصب الراية : واعترضه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بأن هذه الرواية شاذة لا يقوم بها الحجة فلا تعارض بها الأخبار الصحيحة عن طاوس بن كيسان عن ابن عمر أن عمر كان يرفع يديه في الركوع وعند الرفع منه ، انتهى وقال الحافظ في الدراية : ويعارضه رواية طاوس عن ابن عمر كان يرفع يديه في التكبير وعند الرفع منه ، انتهى .
قلت : ولرواية طاوس شاهد ضعيف قال الزيلعي في نصب الراية : أخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=13172رشدين بن سعد عن محمد بن سهم عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال رأيت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا رفع رأسه من الركوع ، انتهى .
تنبيه : زعم النيموي أن زيادة قوله : إن عمر بعد قوله عن ابن عمر في نصب الراية هي سهو غير صحيحة ، قال : والصواب هكذا عن طاوس بن كيسان عن ابن عمر كان يرفع يديه إلخ . وقد قال الحافظ ابن حجر في الدراية وهو مختصر من نصب الراية ، ويعارضه رواية طاوس عن ابن عمر كان يرفع يديه في التكبير في الركوع وعند الرفع منه ، وقال ابن الهمام في فتح القدير : وعارضه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم برواية طاوس بن كيسان عن ابن كيسان عن ابن عمر رضي الله عنهم كان يرفع يديه إلخ قال . فثبت بهذه الأقوال أن nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم عارضه برواية ابن عمر لا برواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، انتهى كلام النيموي .
قلت : دعوى السهو في زيادة قوله : " إن عمر " باطلة جدا كيف وقد حكم nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بشذوذ أثر عمر من طريق الأسود ، قال : رأيت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود برواية طاوس عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه كان يرفع يديه في الركوع وعند الرفع منه ، فهذا دليل واضح على أن قوله إن عمر في رواية طاوس صحيح ثابت ، فإنه لا يحكم بشذوذ أثر صحابي بأثر صحابي آخر . وأما قول الحافظ في الدراية ويعارض رواية طاوس عن ابن عمر ، كان يرفع يديه إلخ فحذف الحافظ لفظ " إن عمر " اختصارا . والضمير في كان يرجع إلى عمر وكذلك فعل ابن الهمام في فتح القدير ، ومثل هذا الحذف شائع اختصارا واعتمادا على الرواية السابقة .
واستدلوا أيضا بأثر علي رضي الله عنه رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن عاصم ابن كليب عن أبيه أن عليا يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعد . قال [ ص: 96 ] الزيلعي : هو أثر صحيح . وقال العيني في عمدة القاري : إسناد عاصم بن كليب صحيح على شرط مسلم .
قلت : أثر علي هذا ليس بصحيح وإن قال الزيلعي : هو أثر صحيح ، وقال العيني : إسناده صحيح على شرط مسلم . قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في جزء رفع اليدين : قال عبد الرحمن بن مهدي : ذكرت nindex.php?page=showalam&ids=16004للثوري حديث النهشلي عن عاصم بن كليب فأنكره ، انتهى . قلت : وانفرد بهذا الأثر عاصم بن كليب ، قال الذهبي في الميزان : كان من العباد الأولياء لكنه مرجئ وثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين وغيره ، وقال ابن المديني : لا يحتج بما انفرد به ، انتهى ولو سلم أن أثر علي هذا صحيح فهو لا يدل على النسخ كما زعم nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وغيره . قال صاحب التعليق الممجد من العلماء الحنفية : ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بعد روايته عن علي لم يكن علي ليرى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ثم يترك إلا وقد ثبت عنده نسخه ، انتهى . وفيه نظر فقد يجوز أن يكون ترك علي وكذا ترك ابن مسعود وترك غيرهما من الصحابة ، إن ثبت عنهم لأنهم لم يروا الرفع سنة مؤكدة يلزم الأخذ بها ولا ينحصر ذلك في النسخ بل لا يجترئ بنسخ أمر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد حسن الظن بالصحابي مع إمكان الجمع بين فعل الرسول وفعله ، انتهى كلام صاحب التعليق الممجد .
واستدلوا أيضا بأثر ابن عمر ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في المعرفة عن مجاهد قال : صليت خلف ابن عمر فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة .
قلت : أثر ابن عمر هذا ضعيف من وجوه : الأول أن في سنده أبا بكر بن عياش وكان تغير حفظه بأخرة ، والثاني أنه شاذ فإن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا خالف جميع أصحاب ابن عمر ، وهم ثقات حفاظ ، والثالث أن إمام هذا الشأن nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين قال حديث أبي بكر عن حصين إنما هو توهم منه لا أصل له . قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في جزء رفع اليدين : ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد ، أنه لم ير ابن عمر رفع يديه إلا في أول التكبير وروى عنه أهل العلم أنه لم يحفظ من ابن عمر إلا أن يكون سها ، ألا ترى أن ابن عمر كان يرمي من لا يرفع يديه بالحصى فكيف يترك ابن عمر شيئا يأمر به غيره ، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعله . قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : حديث أبي بكر عن حصين إنما هو توهم منه لا أصل له ، انتهى مختصرا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب المعرفة : حديث nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش هذا أخبرناه أبو عبد الله الحافظ فذكره بسنده ثم أسند عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه قال : أبو بكر بن عياش اختلط بأخرة ، وقد رواه الربيع nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وسالم ونافع nindex.php?page=showalam&ids=11862وأبو الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16883ومحارب بن دثار وغيرهم قالوا : رأينا ابن عمر يرفع يديه [ ص: 97 ] إذا كبر وإذا رفع وكان يرويه أبو بكر قديما عن حصين عن إبراهيم عن ابن مسعود مرسلا موقوفا : أن ابن مسعود كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعهما بعد . وهذا هو المحفوظ عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، والأول خطأ فاحش لمخالفته الثقات من أصحاب ابن عمر . قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم كان أبو بكر بن عياش من الحفاظ المتقنين ثم اختلط حين ساء حفظه فروى ما خولف فيه ، فكيف يجوز دعوى نسخ حديث ابن عمر بمثل هذا الحديث الضعيف أو نقول إنه ترك مرة للجواز إذ لا يقول بوجوبه ، ففعله يدل على أنه سنة وتركه على أنه غير واجب ، انتهى كذا في نصب الراية للزيلعي .
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : وأما الحنفية فعولوا على رواية مجاهد أنه صلى خلف ابن عمر فلم يره يفعل ذلك وأجيبوا بالطعن في إسناده لأن أبا بكر بن عياش راويه ساء حفظه بأخرة وعلى تقدير صحته فقد أثبت ذلك سالم ونافع وغيرهما ، والعدد الكثير أولى من واحد ، لا سيما وهم مثبتون وهو ناف مع أن الجمع بين الروايتين ممكن وهو أنه لم يره واجبا ، ففعله تارة وتركه أخرى ، انتهى كلام الحافظ .
وقال الفاضل اللكنوي في تعليقه على موطأ محمد : المشهور في كتب أصول أصحابنا أن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا قال صحبت ابن عمر عشر سنين فلم أره يرفع يديه إلا مرة وقالوا : قد روى ابن عمر حديث الرفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه . والصحابي الراوي إذا ترك مرويا ظاهرا في معناه غير محتمل للتأويل يسقط الاحتجاج بالمروي وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد أنه قال : صليت خلف ابن عمر فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة ، ثم قال : فهذا ابن عمر قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ، ثم قد ترك الرفع بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخه وهاهنا أبحاث :
الأول : مطالبة إسناد ما نقلوه عن مجاهد من أنه صحب عشر سنين ولم ير ابن عمر فيها يرفع يديه إلا في التكبير الأول .
الثاني : المعارضة بخبر طاوس وغيره من الثقات أنهم رأوا ابن عمر يرفع .
والثالث : إن في طريق nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أبا بكر بن عياش وهو متكلم فيه لا توازي روايته رواية غيره من الثقات . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب المعرفة بعدما أخرج حديث مجاهد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11948ابن عياش قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أبو بكر بن عياش اختلط بأخرة ، وقد رواه الربيع وليث nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وسالم ونافع nindex.php?page=showalam&ids=11862وأبو الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16883ومحارب بن دثار وغيرهم ، قالوا رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر وإذا رفع ثم ذكر كلام nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إلى آخر ما نقلته فيما تقدم ، ثم قال : فإن قلت : آخذا من شرح معاني الآثار إنه يجوز أن [ ص: 98 ] يكون ابن عمر فعل ما رآه طاوس قبل أن تقوم الحجة بنسخه ثم لما ثبتت الحجة بنسخه عنده تركه وفعل ما ذكره مجاهد . قلت : هذا مما لا يقوم به الحجة ، فإن لقائل أن يعارض ويقول : يجوز أن يكون فعل ابن عمر ما رواه مجاهد قبل أن تقوم الحجة بلزوم الرفع ، ثم لما ثبت عنه التزم الرفع ، على أن احتمال النسخ احتمال من غير دليل فلا يسمع ، فإن قال قائل : الدليل هو خلاف الراوي مرويه قلنا : لا يوجب ذلك النسخ كما مر .
والرابع : وهو أحسنها أنا سلمنا ثبوت الترك عن ابن عمر ، لكن يجوز أن يكون تركه لبيان الجواز ، أو لعدم رواية الرفع سنة لازمة ، فلا يقدح ذلك في ثبوت الرفع عنه وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والخامس : أن ترك الراوي مرويه إنما يكون مسقطا للاحتجاج عند الحنفية ، إذا كان خلافه بيقين كما هو مصرح في كتبهم ، وهاهنا ليس كذلك ، لجواز أن يكون الرفع الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمله ابن عمر على العزيمة ، وترك أحيانا بيانا للرخصة ، فليس تركه خلافا لروايته بيقين ، انتهى ما في التعليق الممجد .
تنبيه : قال صاحب العرف الشذي : ولنا ما في nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بسند قوي عن ابن أبي زياد عن nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش قال : ما رأيت فقيها قط يرفع يديه في غير تكبير التحريمة ، انتهى .
قلت : لعل قول nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش هذا إنما هو بعد ما ساء حفظه واختلط كيف وقد اعترف صاحب العرف الشذي بأنه قد ثبت الرفع تواترا عملا لا يمكن لأحد إنكاره . وقال الإمام محمد بن نصر : أجمع علماء الأمصار على مشروعية ذلك إلا أهل الكوفة كما عرفت .
قلت : حديث ابن عمر هذا باطل موضوع ، قال الزيلعي في نصب الراية بعد نقل هذا الحديث من خلافيات nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ما لفظه : قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم هذا باطل موضوع لا يجوز أن يذكر إلا على سبيل القدح ، انتهى . وقال الحافظ في الدراية : وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا من طريق الزهري عن سالم ، عن أبيه نحوه ، ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أنه موضوع وهو كما قال ، انتهى كلام الحافظ . فهدى الله سبحانه وتعالى هؤلاء المقلدين الذين يتركون حديث ابن عمر الصحيح المتفق عليه ويتمسكون بحديثه الذي حكم nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم عليه بأنه موضوع ، ولا سيما هذا المقلد الذي مع عدم [ ص: 99 ] اطلاعه على أول إسناد هذا الحديث ، ومع علمه بأن nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم حكم عليه بأنه موضوع ، يرجو أن إسناده قوي ويتمسك به .
وقال : ولنا حديث آخر مرسل عن nindex.php?page=showalam&ids=16288عباد بن عبد الله بن الزبير ، وعباد تابعي ، قال لم يرفع النبي صلى الله عليه وسلم إلا في أول مرة . ومر عليه الحافظ في الدراية ، وقال : ولينظر في إسناده ، وإني رأيت السند وبدا لي في نصب الراية سهو الكاتب ، فإنه كتب محمد أبي يحيى وهو غير مشهور ، والحق أنه محمد بن أبي يحيى وهو ثقة : فصار السند صحيحا ، انتهى .
قلت : لم يقل الحافظ في الدراية ولينظر في إسناده ، بل قال : وهذا مرسل . وفي إسناده أيضا من ينظر فيه ، فتكلم الحافظ على هذا الحديث بوجهين : الأول أنه مرسل والمرسل على القول الراجح ليس بحجة ، والثاني أن في إسناده من ينظر فيه ، فكل من يدعي صحة إسناد هذا الحديث فعليه أن يثبت كون كل واحد من رجال سنده ثقة قابلا للاحتجاج ، واتصاله ودونه خرط القتاد . وأما دعوى سهو الكاتب في محمد أبي يحيى فبعد تسليم صحتها لا تستلزم صحة سند هذا الحديث ، فإن فيه من لا يعرف حاله من كتب الرجال .
والجواب : أنه لا دليل فيه على منع الرفع على الهيئة المخصوصة في المواضع المخصوصة وهو الركوع والرفع منه ; لأنه مختصر من حديث طويل . وبيان ذلك أن مسلما رواه أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة قال : كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ، وأشار بيديه إلى الجانبين ، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=750672على ما تؤمنون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ، إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله وفي رواية nindex.php?page=hadith&LINKID=750673إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومي بيديه وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : ذكر الخبر المتقصي للقصة المختصرة المتقدمة ، بأن القوم إنما أمروا بالسكون في الصلاة عند الإشارة بالتسليم دون الرفع الثابت عند الركوع ثم رواه كنحو رواية مسلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : من احتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة على منع الرفع عند الركوع فليس له حظ من العلم ، هذا مشهور لا خلاف فيه أنه إنما كان في حال التشهد كذا في التلخيص الحبير .
وقال الزيلعي في نصب الراية بعد ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة المختصر المذكور ملخصه : واعترضه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتابه الذي وضعه في رفع اليدين فقال : وأما احتجاج بعض من لا يعلم [ ص: 100 ] بحديث تميم بن طرفة عن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة ، فذكر حديثه المختصر وقال : وهذا إنما كان في التشهد لا في القيام ، ففسره رواية عبد الله بن القبطية ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة يقول : كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر حديثه الطويل المذكور ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ولو كان كما ذهبوا إليه لكان الرفع في تكبيرات العيد أيضا منهيا عنه لأنه لم يستثن رفعا دون رفع بل أطلق ، انتهى .
قال الزيلعي : ولقائل أن يقول : إنهما حديثان لا يفسر أحدهما الآخر كما جاء في لفظ الحديث الأول : nindex.php?page=hadith&LINKID=750674اسكنوا في الصلاة . والذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال له اسكن في الصلاة إنما يقال ذلك لمن يرفع يديه في أثناء الصلاة وهو حالة الركوع والسجود ونحو ذلك ، هذا هو الظاهر والراوي روى هذا في وقت كما شاهده ، وروى الآخر في وقت آخر كما شاهده ، وليس في ذلك بعد ، انتهى .