صفحة جزء
2467 حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا شطر من شعير فأكلنا منه ما شاء الله ثم قلت للجارية كيليه فكالته فلم يلبث أن فني قالت فلو كنا تركناه لأكلنا منه أكثر من ذلك قال أبو عيسى هذا حديث صحيح ومعنى قولها شطر تعني شيئا
[ ص: 143 ] قوله : ( وعندنا شطر من شعير ) قال الحافظ : المراد بالشطر هنا البعض ، والشطر يطلق على النصف وعلى ما قاربه وعلى الجهة وليست مرادة هنا ، ويقال أرادت نصف وسق ، انتهى ( ثم قلت للجارية كيليه فكالته ) وفي رواية البخاري فكلته ، والمراد أمرت بكيله ولا تخالف بين روايتين . فإن قلت قول عائشة : توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندنا شطر من شعير يخالف حديث عمرو بن الحارث المصطلقي : ما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته دينارا ولا درهما ولا شيئا .

قلنا : لا تخالف بينهما ; لأن مراده بالشيء المنفي ما تخلف عنه مما كان يختص به ، وأما الذي أشارت إليه عائشة ، فكانت بقية نفقتها التي تختص بها فلم يتحد الموردان .

فإن قلت : قول عائشة : فلو كنا تركناه لأكلنا منه أكثر من ذلك ، يخالف حديث المقدام بن معديكرب : كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه .

قلنا : لا تخالف بينهما ، فإن الكيل عند المبايعة مطلوب من أجل تعلق حق المتبايعين ، فلهذا القصد يندب ، وأما الكيل عند الإنفاق فقد يبعث عليه الشح فلذلك كره ، ويؤيده حديث جابر عند مسلم : أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفهما حتى كاله ، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم .

قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه البخاري في باب فضل الفقر .

التالي السابق


الخدمات العلمية