قوله : ( إنا لجلوس ) أي لجالسون ( في المسجد ) أي مسجد المدينة أو مسجد قباء ( إذ طلع ) أي ظهر ( nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير ) بضم الميم وفتح العين ، و " عمير " بضم العين مصغرا ( ما عليه ) أي ليس على بدنه ( إلا بردة له ) أي كساء مخلوط السواد والبياض ( مرقوعة ) أي مرقعة ( بفرو ) أي بجلد . قال ميرك : هو قرشي هاجر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وترك النعمة والأموال بمكة ، وهو من كبار أصحاب الصفة الساكنين في مسجد قباء . وقال صاحب المشكاة في الإكمال : عبدري كان من أجلة الصحابة وفضلائهم ، هاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها ثم شهد بدرا وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث مصعبا بعد العقبة الثانية إلى المدينة يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين . وهو أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة ، وكان في [ ص: 149 ] الجاهلية من أنعم الناس عيشا وألينهم لباسا ، فلما أسلم زهد في الدنيا ( فلما رآه ) أي أبصر مصعبا بتلك الحال الصعباء ( بكى للذي ) أي للأمر الذي ( كان فيه ) أي قبل ذلك اليوم ( والذي هو فيه ) أي وللأمر الذي هو فيه من المحنة والمشقة ( اليوم ) أي في الوقت الحاضر ( كيف ) أي الحال ( بكم إذا غدا أحدكم ) أي ذهب أول النهار ( في حلة ) بضم فتشديد . أي في ثوب أو في إزار ورداء ( وراح ) أي ذهب آخر النهار ( في حلة ) أي أخرى من الأولى قال ابن الملك : أي كيف يكون حالكم إذا كثرت أموالكم بحيث يلبس كل منكم أول النهار حلة وآخره أخرى من غاية التنعم ( ووضعت بين يديه صحفة ) أي قصعة من مطعوم ( ورفعت أخرى ) أي من نوع آخر كما هو شأن المترفين وهو كناية عن كثرة أصناف الأطعمة الموضوعة على الأطباق بين يدي المتنعمين ( وسترتم بيوتكم ) بضم الموحدة وكسرها أي جدرانها . والمعنى زينتموها بالثياب النفيسة من فرط التنعم ( كما تستر الكعبة ) فيه إشارة إلى أن سترها من خصوصياتها لامتيازها ( نحن يومئذ خير منا اليوم ) وبينوا سبب الخيرية بقولهم مستأنفا فيه معنى التعليل ( نتفرغ ) أي عن العلائق والعوائق ( للعبادة ) أي بأنفسنا ( ونكفى ) بصيغة المجهول المتكلم ( المؤنة ) أي بخدمنا والواو لمطلق الجمع . فالمعنى ندفع عنا تحصيل القوت لحصوله بأسباب مهيأة لنا فنتفرغ للعبادة من تحصيل العلوم الشرعية والعمل بالخيرات البدنية والمبرات المالية ( فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا ) أي ليس الأمر كما ظننتم ( أنتم اليوم خير منكم يومئذ ) لأن الفقير الذي له كفاف خير من الغني . لأن الغني يشتغل بدنياه ولا يتفرغ للعبادة مثل من له كفاف لكثرة اشتغاله بتحصيل المال .
قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه أبو يعلى من قصة علي المذكورة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي وذكر المنذري في الترغيب لفظه بتمامه .
قوله ( ويزيد بن زياد هذا هو مديني إلخ ) المقصود من هذا الكلام بيان الفرق بين [ ص: 150 ] هؤلاء الرجال الثلاثة المسمين بيزيد . فالأول يزيد بن زياد مديني المذكور في سند هذا الحديث وقد تقدم ترجمته في هذا الباب ، والثاني يزيد بن زياد الدمشقي وقد تقدم ترجمته في شرح الحديث الرابع من أبواب الشهادات ، والثالث يزيد بن زياد الكوفي وقد تقدم ترجمته في باب السواك والطيب يوم الجمعة .