[ ص: 375 ] قوله : ( أخبرنا عاصم بن رجاء بن حيوة ) الكندي الفلسطيني صدوق يهم ، من الثامنة ( عن قيس بن كثير ) قال الحافظ في التقريب : كثير بن قيس الشامي ويقال قيس بن كثير والأول أكثر ، ضعيف من الثالثة . وقال في تهذيب التهذيب : كثير بن قيس ويقال قيس بن كثير شامي ، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء في فضل العلم وعنه داود بن جميل جاء في أكثر الروايات أنه كثير بن قيس على اختلاف في الإسناد إليه ، وتفرد محمد بن يزيد الواسطي في إحدى الروايتين عنه بتسمية قيس بن كثير وهو وهم قوله : ( من المدينة ) المنورة ( وهو ) أي أبو الدرداء ( بدمشق ) بكسر الدال وفتح الميم ويكسر ( ما أقدمك ) ما استفهامية أي أي شيء جاء بك هنا ( حديث ) أي أقدمني حديث يعني جئتك لتحدثني به ( أما جئت ) بهمزة الاستفهام وما نافية ( من سلك ) أي دخل أو مشى ( طريقا ) أي قريبا أو بعيدا ( يبتغي فيه ) أي في ذلك الطريق أو في ذلك المسلك أو في سلوكه ، ( علما ) قال الطيبي : وإنما أطلق الطريق والعلم ليشملا في جنسهما أي طريق كان من مفارقة الأوطان والضرب في البلدان إلى غير ذلك ، وأي علم كان من علوم الدين قليلا أو كثيرا رفيعا أو غير رفيع ( سلك الله به ) الضمير عائد إلى " من " والباء للتعدية أي جعله سالكا ووفقه أن يسلك طريق الجنة ، وقيل : عائد إلى العلم والباء للسببية وسلك بمعنى سهل ، والعائد إلى " من " محذوف ، والمعنى سهل الله له بسبب العلم ( طريقا إلى الجنة ) فعلى الأول سلك من السلوك وعلى الثاني من السلك والمفعول محذوف كقوله تعالى : يسلكه عذابا صعدا قيل : عذابا مفعول ثان .
وعلى التقديرين نسبة سلك إلى الله تعالى على طريق المشاكلة كذا قال الطيبي : ( لتضع أجنحتها أي الملائكة لطالب العلم ) جمع جناح ( رضى ) حال أو مفعول له على معنى إرادة رضا ليكون فعلا لفاعل الفعل المعلل به ( لطالب العلم ) اللام متعلق برضا ، وقيل : التقدير لأجل الرضا الواصل منها إليه أو لأجل إرضائها لطالب العلم بما يصنع من حيازة الوراثة العظمى ، وسلوك السنن الأسنى . قال زين العرب وغيره ، قيل : معناه أنها تتواضع لطالبه توقيرا لعلمه كقوله تعالى : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة [ ص: 376 ] أي تواضع لهما أو المراد الكف عن الطيران والنزول للذكر ، كقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : وحفت بهم الملائكة ، أو معناه المعونة وتيسير المئونة بالسعي في طلبه ، أو المراد تليين الجانب والانقياد والفيء عليه بالرحمة والانعطاف ، أو المراد حقيقته وإن لم تشاهد وهي فرش الجناح وبسطها لطالب العلم لتحمله عليها ، وتبلغه مقعده من البلاد ، نقله السيد جمال الدين ونقل ابن القيم عن أحمد بن شعيب . قال : كنا عند بعض المحدثين بالبصرة فحدثنا بهذا الحديث وفي المجلس شخص من المعتزلة فجعل يستهزئ بالحديث ، فقال : والله لأطرقن غدا نعلي وأطأ بها أجنحة الملائكة ، ففعل ومشى في النعلين فحفت رجلاه ووقعت فيهما الأكلة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=14451ابن يحيى الساجي يقول : كنا نمشي في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعنا المشي ، وكان معنا رجل ماجن متهم في دينه ، فقال : ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها كالمستهزئ بالحديث ، فما زال عن موضعه حتى حفت رجلاه وسقط إلى الأرض ، انتهى .
والحفاء رقة القدم على ما في القاموس ، وفي رواية في السنن والمسانيد nindex.php?page=hadith&LINKID=877561عن صفوان بن عسال قال : قلت يا رسول الله جئت أطلب العلم . قال : مرحبا بطالب العلم إن طالب العلم لتحف به الملائكة وتظله بأجنحتها ، فيركب بعضها على بعض حتى تبلغ السماء الدنيا من حبهم لما يطلب . نقله الشيخ ابن القيم وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : إسناده صحيح كذا في المرقاة ( وإن العالم ليستغفر له ) قال الطيبي هو مجاز من إرادة استقامة حال المستغفر له ، انتهى . قال القاري والحقيقة أولى ( حتى الحيتان ) جمع الحوت خص لدفع إيهام أن من في الأرض لا يشمل من في البحر كذا قيل ( وفضل العالم ) أي الغالب عليه العلم وهو الذي يقوم بنشر العلم بعد أدائه ما توجه إليه من الفرائض والسنن المؤكدة ( على العابد ) أي الغالب عليه العبادة وهو الذي يصرف أوقاته بالنوافل مع كونه عالما بما تصح به العبادة ( كفضل القمر ) أي ليلة البدر كما في رواية ( على سائر الكواكب ) قال القاضي : شبه العالم بالقمر والعابد بالكواكب ؛ لأن كمال العبادة ونورها لا يتعدى من العابد ونور العالم يتعدى إلى غيره ( إن العلماء ورثة الأنبياء ) وإنما لم يقل ورثة الرسل ليشمل الكل . قاله ابن الملك ( لم يورثوا ) بالتشديد من التوريث ( دينارا ولا درهما ) أي شيئا من الدنيا ، وخصا ؛ لأنهما أغلب أنواعها وذلك إشارة إلى زوال الدنيا ، وأنهم لم يأخذوا منها إلا بقدر ضرورتهم ، فلم يورثوا شيئا منها لئلا يتوهم أنهم كانوا يطلبون شيئا منها يورث عنهم ( فمن أخذ به ) أي [ ص: 377 ] بالعلم ( فقد أخذ بحظ وافر ) أي أخذ حظا وافرا يعني نصيبا تاما ، أي لا حظ أوفر منه والباء زائدة للتأكيد ، أو المراد أخذه متلبسا بحظ وافر من ميراث النبوة ، ويجوز أن يكون أخذ بمعنى الأمر أي فمن أراد أخذه ، فليأخذ بحظ وافر ولا يقتنع بقليل . ( هكذا حدثنا محمود بن خداش هذا الحديث ) يعني عن عاصم بن رجاء عن قيس بن كثير من غير واسطة بينهما ( وإنما يروى هذا الحديث عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس ) يعني بزيادة داود بن جميل بين عاصم بن رجاء وكثير بن قيس ، وكذلك رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . وداود بن جميل هذا ضعيف ويقال اسمه : الوليد كذا في التقريب ، قال في تهذيب التهذيب : روى عن كثير بن قيس على خلاف فيه ، وعنه عاصم بن رجاء بن حيوة ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات وفي إسناد حديثه اختلاف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : مجهول وقال مرة : هو ومن فوقه إلى nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ضعفاء ( وهذا أصح من حديث محمود بن خداش ) أي هذا الحديث الذي يروى عن عاصم عن داود بن جميل عن كثير بن قيس أصح من حديث محمود بن خداش المذكور في هذا الباب بإسقاط داود بن جميل ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء هذا أخرجه أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه والدارمي ، وقال المنذري في تلخيص السنن : قد اختلف في هذا الحديث اختلافا كثيرا ثم ذكره مفصلا من شاء الوقوف على ذلك فليراجعه .