صفحة جزء
كتاب الاستئذان والآداب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في إفشاء السلام

2688 حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على أمر إذا أنتم فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم وفي الباب عن عبد الله بن سلام وشريح بن هانئ عن أبيه وعبد الله بن عمرو والبراء وأنس وابن عمر قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
[ ص: 382 ] ( أبواب الاستيذان والآداب ) بلفظ الجمع في أكثر النسخ ، والأدب استعمال ما يحمد قولا وفعلا وعبر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق ، وقيل : الوقوف مع المستحسنات . وقيل : هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك ، وقيل إنه مأخوذ من المأدبة وهي الدعوة إلى الطعام سمي بذلك لأنه يدعى إليه قاله الحافظ في الفتح .

قوله : ( لا تدخلوا الجنة ) كذا في النسخ الحاضرة عندنا بحذف النون وكذا في عامة نسخ أبي داود . قال القاري : ولعل الوجه أن النهي قد يراد به النفي كعكسه المشهور عند أهل العلم ، انتهى . ووقع في صحيح مسلم : لا تدخلون بإثبات النون وهو الظاهر ( ولا تؤمنوا ) بحذف النون في النسخ الحاضرة وكذا في صحيح مسلم . قال النووي : هكذا هو في جميع الأصول والروايات ولا تؤمنوا بحذف النون من آخره وهي لغة معروفة صحيحة ، انتهى . وقال القاري : لعل حذف النون للمجانسة والازدواج ( حتى تحابوا ) بحذف إحدى التاءين وتشديد الموحدة المضمومة . قال النووي : معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- : ( ولا تؤمنوا حتى تحابوا ) : أي لا يكمل إيمانكم ولا [ ص: 383 ] يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحابب وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- ، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا فهو على ظاهره وإطلاقه فلا يدخل الجنة إلا من مات مؤمنا ، وإن لم يكن كامل الإيمان فهذا هو الظاهر من الحديث . وقال الشيخ أبو عمرو معنى الحديث : لا يكمل إيمانكم إلا بالتحابب ، ولا تدخلون الجنة عند دخول أهلها إذا لم تكونوا كذلك . قال النووي وهذا الذي قاله محتمل ، انتهى . ( أفشوا السلام بينكم ) بقطع الهمزة المفتوحة من الإفشاء وهو الإظهار ، وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف . قال الطيبي : جعل إفشاء السلام سببا للمحبة والمحبة سببا لكمال الإيمان ؛ لأن إفشاء السلام سبب للتحابب والتواد أو هو سبب الألفة والجمعية بين المسلمين المسبب لكمال الدين وإعلاء كلمة الإسلام ، وفي التهاجر والتقاطع التفرقة بين المسلمين وهي سبب لانثلام الدين والوهن في الإسلام ، انتهى .

قال الحافظ : الإفشاء الإظهار والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته . وأخرج البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن ابن عمر : إذا سلمت فأسمع فإنها تحية من عند الله . ونقل النووي عن المتولي ، أنه قال : يكره إذا لقي جماعة أن يخص بعضهم بالسلام ؛ لأن القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة وفي التخصيص إيحاش لغير من خص بالسلام . قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن سلام وشريح بن هانئ عن أبيه وعبد الله بن عمرو والبراء وأنس وابن عمر ) أما حديث عبد الله بن سلام فأخرجه الترمذي قبل صفة أبواب الجنة ، وأما حديث شريح بن هانئ عن أبيه فأخرجه الطبراني عنه : قال يا رسول الله أخبرني بشيء يوجب لي الجنة ، قال : طيب الكلام وبذل السلام وإطعام الطعام وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه في حديث والحاكم وصححه ، وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه ولفظ البخاري : أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف . وأما حديث البراء فأخرجه الشيخان . وأما حديث أنس فأخرجه الطبراني عنه بإسناد حسن قال : كنا إذا كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتفرق بيننا شجرة فإذا التقينا يسلم بعضنا على بعض . وروى البخاري في الأدب المفرد عنه مرفوعا : السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم . قال الحافظ : سنده حسن . وأما حديث ابن عمر فأخرجه ابن ماجه .

[ ص: 384 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية