تقدم في الباب المتقدم أن الإقعاء على نوعين ، وسيظهر لك أن الرخصة في الإقعاء بالمعنى الثاني ( إنا لنراه جفاء بالرجل ) قال الحافظ في التلخيص : ضبط nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر بالرجل بكسر الراء وإسكان الجيم ، وغلط من ضبطه بفتح الراء وضم الجيم وخالفه الأكثرون . وقال النووي : رد [ ص: 139 ] الجمهور على nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وقالوا : الصواب الضم وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه ، انتهى . ويؤيد ما ذهب إليه أبو عمر ما روى أحمد في مسنده في هذا الحديث بلفظ : جفاء بالقدم ، ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12211ابن أبي خيثمة بلفظ : لنراه جفاء المرء ، فالله أعلم بالصواب ، انتهى كلام الحافظ . والجفاء غلظ الطبع وترك الصلة والبر ( بل هي سنة نبيكم ) هذا الحديث نص صريح في أن الإقعاء سنة . واختلف العلماء في الجمع بين هذا الحديث وبين الأحاديث الواردة في النهي عن الإقعاء ، فجنح nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي إلى أن الإقعاء منسوخ ، ولعل ابن عباس لم يبلغه النسخ ، وجنح nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إلى الجمع بينهما بأن الإقعاء ضربان : أحدهما أن يضع إليتيه على على عقبيه وتكون ركبتاه في الأرض ، وهذا هو الذي رواه ابن عباس وفعلته العبادلة ونص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في البويطي على استحبابه بين السجدتين ، لكن الصحيح أن الافتراش أفضل منه لكثرة الرواة له ، ولأنه أعون للمصلي وأحسن في هيئة الصلاة . والثاني أن يضع إليتيه ويديه على الأرض وينصب ساقيه ، وهذا هو الذي وردت الأحاديث بكراهته ، وتبع nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي على هذا الجمع ابن الصلاح والنووي وأنكرا على من ادعى فيهما النسخ ، وقالا : كيف ثبت النسخ مع عدم تعذر الجمع وعدم العلم بالتاريخ ، كذا في التلخيص الحبير . وقال في النيل : وهذا الجمع لا بد منه وأحاديث النهي والمعارض لها يرشد لما فيها من التصريح بإقعاء الكلب ، ولما في أحاديث العبادلة من التصريح بالإقعاء على القدمين وعلى أطراف الأصابع . وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508879من السنة أن تمس عقبيك إليتيك ، وهو مفسر للمراد ، فالقول بالنسخ غفلة عن ذلك وعما صرح به الحفاظ من جهل تاريخ هذه الأحاديث وعن المنع من المصير إلى النسخ مع إمكان الجمع ، وقد روي عن جماعة من السلف من الصحابة وغيرهم فعله كما قال النووي ، ونص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في البويطي والإملاء على استحبابه ، انتهى ما في النيل .
قلت : الأمر كما قال الشوكاني وقد اختار هذا الجمع بعض الأئمة الحنفية كابن الهمام وغيره .
فائدة : قال ابن حجر المكي الافتراش بين السجدتين أفضل من الإقعاء المسنون بينهما ; لأن ذلك هو الأكثر من أحواله عليه السلام ، انتهى . قال القاري في المرقاة بعد نقل كلام بن حجر هذا ما لفظه : وفيه أن الأول أن يحمل الأكثر على أنه هو المسنون وغيره إما لعذر أو لبيان الجواز ، انتهى .
قلت : لو كان لعذر لم يقل ابن عباس رضي الله عنهما هي سنة نبيكم ، والظاهر هو ما قال ابن حجر ، والله تعالى أعلم .
قلت : لكن إقعاء هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم كان بالمعنى الثاني ، ولم يكن كإقعاء الكلب كما تقدم ( وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم ) وهو قول عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة ونافع والعبادلة ، كذا نقل العيني عن ابن تيمية ( وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين ) وهو قول أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد ، كذا قيل : وقد عرفت أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نص في البويطي وغيره على استحبابه . وقال بعض الحنفية : لنا ما في موطأ مالك عن ابن عمر تصريح أنه ليس بسنته ، ومن المعلوم عند المحدثين أن زيادة الاعتماد في نقل السنة على ابن عمر ، فإن ابن عباس ربما يقول باجتهاده ورأيه ويعبره بالسنة ، انتهى .